للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحر القاطع عن استيفاء الصلاة، أمر بإيقاع الصلاة حينئذ إذا حان الوقت المختار. فإن لم يفتر حتى خيف ذوات الوقت لم تؤخر عن الوقت. فإذا ثبت تعلق الاختيار بزمن ما وكان التأخير عنه للعذر، فمتى ارتفع العذر تمسكنا بالاختيار. وارتفاع الحر يختلف باختلاف البلاد واختلاف الرياح. ولكن رأى أصحابنا تحديده بما ذكرناه عنهم ليكون الحكم عامًا وترجع إليه العامة التي لا تضبط تفاصيل الاجتهاد، فذلك طريق في النظر.

والجواب عن السؤال الخاص: أن يقال: اختلف الناس في آخر وقت صلاة الظهر. فذهب مالك إلى أنه انتهاء الظل إلى زيادة *مثل القائم. وذهب أبو حنيفة إلى أنه انتهاء الظل* (١) مثلي القائم. فالحجة لمالك صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد صلى به (٢) الظهر في اليوم الثاني عندما صار الظل زائدًا مثل القائم. وحديث عبد الله بن عمرو. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل (٣) كطوله ما لم تحضر العصر. وهذا بيان من جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته أن آخر وقت الظهر زيادة الظل مثله.

وأما أبو حنيفة فإنه تعلق بحديث، القصد منه ضرب مثل وهو حديث تمثيل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمل أمته بالإضافة إلى من قبلهم من الأمم بأُجَرَاء عملوا إلى الظهر وآخرون إلى العصر وآخرون من العصر إلى الغروب. والعاملون من العصر إلى الغروب مثلوا بالمسلمين وهم أقل عملًا وأكثر أجرًا (٤) فقال أصحاب أبي حنيفة إنما يصح هذا التمثيل على أن آخر الظهر القامتان وهو أول وقت العصر، وبذلك يصح كون العاملين من العصر إلى الغروب أقل عملًا. وهذا الذي قالوه لا يخفى عن حاذق ضعف التعلق به. وكيف يقابل حديث فيه نزول جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين له الأوقات ويصلي به ليعلمه ذلك. وبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأمته


(١) ما بين النجمين ساقط من -و-.
(٢) فقد صلى به: ساقطة من -و-.
(٣) مثله كطوله في -و-.
(٤) رواه عن عبد الله بن عمر مالك وأحمد والبخاري والترمذي وغيرهم. الهداية ج ٢ ص ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>