للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حديث إنما سيق ليعلم الأوقات وبيانها بحديث القصد منه ضرب المثل، ولم يقصد منه بيان الأوقات ولا تعرض فيه لشيء من أمور الصلوات. مع جواز أيضًا أن يكون المراد بأن الآخرين عملوا من آخر وقت العصر. فالحديث لم يذكر إلا أن قومًا عملوا من العصر إلى الغروب ولم يذكر أول وقت العصر ولا آخره فكيف تترك النصوص لمثل مضروب، فيه من الاحتمال ما ذكرنا.

والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: اختلف أصحابنا في معنى القول أن آخر وقت الظهر زيادة الظل مثله. فذهب بعضهم إلى أن المراد به أن تنقضي صلاة الظهر عند زيادة الظل مثله *وبه قال الشافعي* (١) وقال آخرون أن المراد به أن يفتتح صلاة الظهر عند زيادة الظل مثله. وسبب هذا الاختلاف: ما وقع في حديث صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من أنه صلى به الظهر في اليوم الثاني عند زيادة الظل مثله. وفي بعض طرقه إنما صلاها به لوقت العصر بالأمس (٢). فحمله أهل المذهب الأول على أن المراد به أنه فرغ من صلاة الظهر حينئذ. وحمله أهل المذهب الثاني على أن المراد به أنه ابتدأ الصلاة حينئذ. ويرجح الأولون تأويلهم بأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يفيد فعل الصلاة والفراغ منها، بأن الفاعل من حصل منه الفعل". ويرجح الآخرون تأويلهم بأنه قد قال وصلى بهم العصر عند زيادة الظل مثله. ومعنى ذلك أنه ابتدأ الصلاة، فكذلك يكون محمل قوله صلى به الظهر حينئذ أي ابتدأها. وأيضًا فقد قال في حديث عبد الله بن عمر وقت الظهر إذا زالت الشمس. وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر العصر. فاقتضى ذلك أن حضور وقت العصر يقطع وقت الظهر. ولا يكون قاطعًا لوقتها إلا بأن تنقضي الصلاة قبل حضور العصر.

والجواب عن السؤال السابع: أن يقال: أما صلاة العصر فقد علم أول


(١) ما بين النجمين ساقط من -ح-.
(٢) روى البيهقي من حديث فأقام الظهر في وقت العصر الذي كان قبله ج ١ ص ٢٣٥.
وجاء في معالم السنن: في بعض الروايات أنه صلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر من اليوم الأول. وقد نسب هذا القول محمَّد بن جرير الطبري إلى مالك بن أنس. معالم السنن ج ١ ص ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>