للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتها. والدليل عليه مما قدمنا ذكره. وقررنا أن أول وقتها ابتداء القامة الثانية عندنا. وآخر القامتين عند أبي حنيفة، فأغنى ذلك عن إعادته *وقد قاله ابن عبد الحكم وابن حبيب في المذهب* (١).

وأما آخر وقتها فعندنا فيه قولان: أحدهما أن آخر وقتها القامتان لما وقع في حديث جبريل من التحديد بذلك. والثاني أن آخر وقتها ما لم تصفر الشمس لقوله في حديث عبد الله بن عمرو وقت العصر ما لم تصفر الشمس (٢).

والجواب عن السؤال الثامن: أن يقال: إنما استحب تأخير صلاة العصر في مساجد الجماعات قليلًا رفقًا بالناس. وقد قال أشهب يستحب تأخيرها إلى الذراع من القامة الثانية، لا سيما في الحر. وجمهور أصحابنا على استحباب تعجيلها أول وقتها شتاء كان أو صيفًا. واستحب ابن حبيب أن يخص يوم الجمعة بتعجيل، ليقرب انصراف المتطهرين لها ممن صلى الجمعة. وقال بعض أشياخي الاستحباب يتنوع. فالمستحب في المغرب والصبح التعجيل. وفي العشاء التأخير. واختلف في الظهر والعصر. فقيل التعجيل أفضل. وقيل أول وقتها وآخره سواء. فعلى هذا القول لا يكون في التعجيل فضيلة. ومذهب أبي حنيفة استحباب التأخير ما لم تصفر الشمس. وقال بعض أصحابه إنما ذلك ليوسع زمن التنفل للناس لأن العصر إذا صليت يمنع (٣) التنفل. ولأن القصد افتتاح الصحيفة بعمل خير واختتامها بمثله. فإذا صليت العصر آخر الوقت كانت صحيفة النهار في حكم ما ختم بخير.

والجواب عن السؤال التاسع: أن يقال: أما قول القاضي أبي محمَّد إن تأخير العصر عما يقرب من أول وقتها مكروه على حسب ما فسره. فإنه لفظ مشكل وكالهادم لم ابن اه. وذلك أنه أخذ يبين أوقات الاختيار فجعل الوقت


(١) ما بين النجمين ساقط من -ح-ق-.
(٢) رواه الترمذي من حديث أبي هريرة وأن آخر وقتها "العصر" حتى تصفر الشمس.
عارضة الأحوذي ج ١ ص ٢٥٠. حديث عبد الله بن عمرو. رواه ابن أبي شيبة المصنف ج ١ ص ٢٨٢ ح ٣٢٢٨.
(٣) منع -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>