للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المختار للعصر جميع القامة الثانية. وكذلك جعله جميع علمائنا من تقدم منهم ومن تأخر. والاختيار يشعر بانتفاء إطلاق الكراهة. وقد أطلق القاضي أبو محمَّد ها هنا على تأخير العصر أنه مكروه، وإن كان وقت الاختيار لم يذهب. وغيره من العلماء وإن ذهب إلى فضيلة التعجيل. فما أرى هؤلاء يطلقون الكراهة كما أطلقها إلا بتقييد وبيان على أن المراد بها أنه قد فات المؤخر حظ من الأجر، وفضل التعجيل. فيكون معنى الكراهة أنه مندوب إلى تحصيل الأفضل فيكره له ترك ما ندب إليه. والفقهاء إذا وصفوا الشيء بأنه مكروه وأطلقوا ذلك عليه لا يقصدون (١) هذا القصد. ألا تراهم لا يقولون فيمن أخر صلاة الفجر أنه فعل مكروهًا. ولا يقال الصلاة حينئذٍ مكروهة وإن كان التعجيل عندهم أفضل.

وكذلك مؤخر الظهر عن الذراع لا يقولون إن صلاته مكروهة. فيجب على قارئ هذا اللفظ أن يتأمل معناه ويعتبر بما قلناه.

قال القاضي رحمه الله: ووقت المغرب الذي لا تحل قبله، غروب الشمس. وهو واحد (٢) مضيق غير ممتد مقدر آخره بالفراغ منها في حق كل مكلف. ويرخص للمسافر أن يمد الميل ونحوه ثم يصلي. وذلك داخل في باب الأعذار والرخص وهو خارج عن هذا الباب. ووقت العشاء الآخرة مغيب الشفق وهو العمرة لا البياض وآخر وقتها ثلث الليل الأول. ويستحب في مساجد الجماعات تأخيرها قليلًا قدرًا لا يضر بالناس. ثم لا يزال وقتها ممتدًا إلى أن ينقضي ثلث الليل (٣) الأول.

قال الشيخ رضي الله هـ تعالى عنه: يتعلق بهذا الفصل ستة أسئلة. منها أن يقال:

١ - ما الدليل على أن المغرب وقت واحد؟.

٢ - وما معنى اختصاص وقتها بوصفه بأنه واحد دون غيره من الأوقات؟.

٣ - ولم رخص للمسافر أن يمد الميل؟.


(١) لم يقصدوا -ح-.
(٢) وهو وقت واحد -الغاني-.
(٣) الليل ساقطة -الغاني-.

<<  <  ج: ص:  >  >>