فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: اختلف المذهب في المغرب.
فذهب مالك في الموطإ أن لها وقتين. وفي المدونة إشارة إلى ذلك. وحكى البغداديون عن مالك أن لها وقتًا واحدًا. واختلف قول الشافعي في ذلك كما اختلف قول مالك. ومذهب أبي حنيفة أن لها وقتين. وسبب الاختلاف في ذلك اختلاف ما قدمناه من الأحاديث. ففي حديث جبريل أنه صلاها به في اليومين عند الغروب بخلاف ما فعل في سائر الصلوات. وهذا يوجب أن لها وقتًا واحدًا. وفي حديث عبد الله بن عمرو: ووقت المغرب ما لم يسقط الشفق.
وهذا فيه إثبات وقتين لها. وقد رجح الآخرون بأن لها وقتًا واحدًا، مذهبهم باستمرار عمل (١) المسلمين في سائر الأمصار على صلاتها عند الغروب. فلولا أنهم عقلوا عن الشرع أن وقتها واحد لما اتفقت خواطرهم ودواعيهم على إقامتها حينئذٍ كما لم تتفق دواعيهم على إقامة الظهر في وقت واحد، لما عقلوا عن الشرع أن لها وقتين. وينفصل الآخرون عن هذا بأنهم وإن قالوا إن لها وقتين فإنهم يسلمون أن المستحسن والأفضل صلاتها عند الغروب. وأهل السنة مجمعون على ذلك لأنها صلاة تمر بالناس وهم متأهبون لها. فاستحب تعجيلها كصلاة الجمعة. وقد قال ابن مسلمة من أصحابنا أن الغروب وإن كان موسعًا فيها إلى الشفق، فالأحسن تعجيل فعلهالأول وقتها. ويرجح هؤلاء الحديث الدال على أن لها وقتين بأنه متأخر عن حديث جبريل فوجب الرجوع إليه مع كونه عندهم أصح سندًا.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: إنما وصفت صلاة المغرب بأن وقتها واحد لأن غيرها من الصلوات وقتها ممتد وجميعه وقت مختار، ولأوله على آخره فضل أو لآخره على أوله، فصارت الصلوات لأجل اختلاف حال الأول والآخر هكذا موصوفة بأن لها وقتين لما صار في وقتها هذا النوع من