للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفقهاء على ثمانية أقوال فكيف يطمع مع هذا الإشكال أن يقال إن القرآن

تضمن إثبات الصبح وسطًا. فإن اعتضد هؤلاء بما قلناه من أن المفهوم أن

القرآن إنما خصها بالذكر لكونها أقرب إلى التضييع بغلبة النوم من غيرها، قلنا

قد قابل أبو حنيفة هذا المسلك بأن الشغل بالبيع آكد في العمل على التضييع من

غلبة النوم عند الصبح. فمع هذه المقابلة ونص النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنها العصر لا يمكن القول بأن القرآن أفاد كون الصبح وسطا. على أنه قد يحمل إشارته - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "الصلاة الوسطى صلاة العصر". على أنه أراد بالألف والسلام ها هنا إحالة على المعهود المذكور في القرآن. فيكون ذلك كالتفسير للقرآن. وإذا كان قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا مفسرًا للقرآن إما على قطع أو احتمال، لم يصح القول بأن السنة أثبتت صلاة أخرى وسطى غير الوسطى المذكورة في القرآن. هذا وقد ذكر في حديث عائشة رضي الله هـ ه تعالى عنها أنها قالت: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر (١). فعلى هذا يكون ما في القرآن مطابقًا لما في السنة من كون الوسطى هي صلاة العصر. وإن كنا لا نرى إثبات هذه الزيادة قرآنا ولا نبيح القراءة بها وإنما ذكرناها تأكيدًا لما قلنا من ضعف القول بإثبات وسطين. على أنه قد روي أيضًا في خبر (٢) عائشة والصلاة الوسطى وصلاة العصر (٣) بإثبات الواو وحاول أصحابنا أن يجعلوا ذلك عمدة في الرد على أبي حنيفة في قوله إنها العصر. وأجيبوا عن ذلك أنه قد يعطف الشيء على نفسه فلا يكون في العطف ها هنا دلالة على أن العصر غير الصلاة الوسطى. وأما ما أشار إليه بعض أصحابنا من أن القرآن يصح حمله على صلاتين وسطين فلا معنى له لأنه لم


(١) عن أبي يونس مولى عائشة رضي الله عنها قال: كانت أمرتني كائشة أن كتب لها مصحفُ اوقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى.
قال: فلما بلغتها آذنتها، فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر. إكمال الإكمال ج ٢ ص ٣١٠.
(٢) في حديث -ق-.
(٣) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: حافظوا على الصلوات وصلاة العصر قرأناها ما شاء الله ثم نسخها الله فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى. إكمال الإكمال ج ٢ ص ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>