للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يثبت كون الصبح والعصر جميعًا وسطيين، ونفي ذلك عما سواهما. فيصح حمل القرآن على ما ثبت من ذلك. ومن ادعى مع ورود القرآن بلفظ التوحيد حمل ذلك على صلاتين كمن ادعى حملها على ثلاث لا فرق بينهما. فإما أن يحمل على جنس الصلوات واستيعاب الخمس فيكون هو المذهب الذي ذكرناه أولأوقد (١) نقضناه. أو يحمل على صلاة واحدة وينظر في عينها على حسب الاختلاف المذكور فيها. وفي هذا كفاية في ضعف هذا المذهب. وقد كنا قدمنا أن هذا الاسم يشار به إلى معنى ينبغي أن يتطلب. فقدره قبيصة بن ذؤيب في عدد الركعات فأثبت الوسطى المغرب. وتطلبه مالك وأبو حنيفة في الزمن فقدم مالك الليل فكانت الصبح وسطى. وقدم أبو حنيفة النهار فكانت العصر. ونظر زيد بن ثابت إلى النهار فوجد وسطه الظهر فأثبت الظهر وسطًا لما كان الزوال وسط الزمان. وهذا فيه نظر لأن الوسطى وصف يعود إلى الصلاة لا إلى زمن الصلاة. فمذهب قبيصة ومالك وأبي حنيفة جار على وصف يعود إلى الصلاة إما في عدد ركعاتها وإما في (٢) كونها ثالثة في عدد خمس. وكون نصف النهار وسطًا في الزمن لا يعود إلى الصلاة. وإنما اعتبر أبو حنيفة ومالك أي الزمانين تقدم (٣) حتى تحصل للثالثة رتبة العدد. وقد احتج لزيد بأن الصحابة شكت (٤) حر الرمضاء فلم يشكهم (٥) ما أنزل الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}. هذا مثل ما احتج به لمذهب زيد. وقد قالس أصحابنا جوابًا عنه ليس نزول الآية عند شكواهم شدة الحر بالذي يوجب حمل الوسطى على الظهر.

وإنما أفادت الآية المحافظة على الصلوات أجمع (٦) وفيها الظهر الذي كانت الشكوى بسببها. وذكر الوسطى تخصيصًا منبها على زيادة المحافظة عليها.


(١) قد ساقطة -ح-.
(٢) أو كونها -و -ق-.
(٣) تقدم: ساقطة في -ح-.
(٤) اشتكت -و -ق-.
(٥) رواه مسلم عن خباب رضي الله عنه بطريقين. إكمال الإكمال ج ٢ ص ٣٠٦.
(٦) جمع -و -ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>