للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العصر (١)، التنبيه بالأدنى على الأعلى. وذكر ركعة ضرب مثل للقلة فكأنه قال: من أدرك جزءًا من العصر، وهذا لا نسلمه لهم لأنه دعوى. وإخراج لكلامه - صلى الله عليه وسلم - عن ظاهره من غير دليل ألجأ إلى ذلك. لكن اختلف أصحابنا في قوله من أدرك ركعة، هل هو مقصور على إدراك الركعة بمجردها دون سجودها أخذًا بظاهر الحديث، وإليه صار أشهب أو كنى بالركعة عن الركعة وسجودها وإليه صار ابن القاسم؟ لكن ابن القاسم لا يلزمه ما ألزمنا أبا حنيفة والشافعي؛ لأن الركعة يعبر بها في العرف عن الركوع والسجود، فصح حمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - على معنى مستعمل في العرف. ولم يستعمل في عرف التخاطب ذكر الركعة كناية عن تكبيرة الإحرام، فلهذا لم يلزم ابن القاسم ما ألزمناه أبا حنيفة والشافعي. وإذا قلنا إن المعتبر مقدار الركعة أو مقدار الركعة بسجدتيها فيختلف، هل يعتبر فيها الطمأنينة أم لا لأجل الاختلاف في فرض الطمأنينة؟ ويختلف هل يعتبر فيها قراءة أم القرآن لأجل الاختلاف في كونها فرضًا في كل ركعة على ما سيرد بيانه إن شاء الله.

قال القاضي أبو محمَّد رحمه الله تعالى: فإذا طهرت حائض أو أفاق مغمى عليه، أو بلغ صبي، أو أسلم كافر، وقد بقي من النهار بعد فراغهم مما يمكنهم به أداء الصلاة من طهارة وستر عورة وغير ذلك قدر خمس ركعات في الحضر أو ثلاث (٢) في السفر فعليهم الظهر والعصر لإدراكهم (٣) وقتهما. وذلك لبقاء ركعة من وقت الظهر المشترك، وإدراك جميع وقت العصر. وإن كان الباقي أربعًا أو أقل من الخمس (٤) فقد فات وقت الظهر فيسقط عنهم ويخاطبون بالعصر فقط لإدراكهم وقتها. ولو أدركوا من وقت العصر قدر ركعة فقط لكانوا مدركين لوقتها. فإن أدركوا دون ذلك، فلم يدركوا ما يلزمهم به (٥).


(١) تقدم قريبًا.
(٢) ثلاث ركات -غ-.
(٣) لإدراك -ح -و-ق-.
(٤) وأقل من الخمس -غ- وأقل من الخمسة -و-.
(٥) به ساقطة من -ح -و -ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>