للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الإجارة على الصلاة بإنفرادها، فوجه المنع منها أن كل مكلف تجب عليه الصلاة، ويلزم بفعلها. وهو إذا فعلها وهي لازمة له فالاقتداء به في صلاته لا يغير حكمها ولا يوجب عليه زيادة فعل، فكان أخذ الإجارة على ما يلزمه فعله ويجبر عليه من أكل المال بالباطل. وَأما من أجاز الإجارة فإنه يقدر أن في الإمامة زيادة كلفة عليه وارتباطًالأمر لم يكن يلزمه الارتباط إليه، وسعيا لموضع الإمامة. فالاجارة على هذا مأخوذ على ما لا يلزم فعله من ذلك كله.

وقد كان بعض أشياخي يشير إلى ارتفاع الخلاف متى كان ها هنا فعله فيه كلفة لا تلزم المصلي حتى تكون الإجارة تنصرف إليه. كما يرتفع الاختلاف في (١) الجواز إذا لم يزد المصلي على الواجب شيئًا. وإذا قلنا بجواز الإجارة على الصلاة، على أنها تبع للإجارة على الأذان، فتعذر على المستأجر الإمامة ووفى بالأذان فهل يحط من الإجارة بسبب عجزه عن الإمامة أم لا؟ اختلف في ذلك المتأخرون، فمنهم: من يقدر أن التبع لا حصة له من الثمن، ولا يحط من الإجارة شيئًا. ومنهم من يقدر أن (٢) للتبع حصة من الثمن فيحط من الإجارة ما قابله.

واعلم أن المسائل الواردة في هذا الأصل مختلف جوابها. فالمذهب في من اشترى عبدًا له مال، أو شجرًا مثمرًا، إن استحقاق المال من يد العبد وجائحة الثمرة لا تستوجب حطيطة من الثمن. ولو استحقت حلية السيف التي هي تبع لنصله، أو أحقر سلعة من صفقة فيها سلع لحط من الثمن بقدر المستحق. فكان كل طائفة تستشهد على صحة مذهبها في الصلاة بما يوافق جوابها من هذه المسائل. والعذر عندنا عن (٣) اختلاف جواب هذه المسائل أن الثمرة مضمونة بالقبض لما سقط السقي عن البائع، فلهذا لم تكن على البائع عهدة الجائحة. ألا ترى أنه لو باعها مفردة غير تبع لشيء وقوإنقطع السقي عنها أنه لا عهدة عليه في الجائحة. وأما العبد فمالك له وإنما وقعت المعاوضة على أن يقر البائع ملكه في يده وقد أقره، فلهذا لم يؤثر الاستحقاق. وقد قال بعض


(١) هكذا في جميع النسخ والمعنى في عدم الجواز.
(٢) إن = ساقطة -و-.
(٣) على -ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>