للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيستحسن فيه وإن كان فذًا لقول ابن المسيب من صلى بأرض فلاة فأذن وأقام، صلى وراءه أمثال الجبال من الملائكة (١). وأيضًا فإن فيه إظهار شعار الإِسلام من حيث ليس هناك من ينوب عنه في إظهاره. وقد قال بعض أصحابنا في تأويل قوله عليه السلام: فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت فارفع من صوتك (٢). الحديث. إن المعني به أنه لما كان معتزلًا عن العصر افتقر إلى إظهار شعار الإِسلام، ولو كان في العصر لاستغنى عن ذلك لنيابة أهل العصر عنه في ذلك.

والجواب عن السؤال السابع: أن يقال: المشهور من مذهبنا: جواز الإجارة على الأذان وبه قال الشافعي، ولم يجزه ابن حبيب وبه قال أبو حنيفة.

ولا تجوز الإجارة عندنا على الصلاة إلا أن يكون تبعًا للأذان، والقصد بالإجارة الأذان. وأجاز ابن عبد الحكم الإجارة على الصلاة وإن انفردت عن الأذان.

فالمذهب فيهما على ثلاثة أقوال:

١ - الإجازة في كل واحد منهما على انفراده.

٢ - والمنع في كل واحد منهما بانفراده.

٣ - والمنع في الصلاة بانفرادها والإجازة في الأذان منفردًا أو متبوعًا بالصلاة. فمن منع الإجارة على الآذان احتج بقول الراوي في الحديث وأمرني أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرًا* (٣). ومن أجاز الإجارة على الأذان احتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على الراقي الأخذ على رقيته أجرًا (٤). والأذان ذكر لله فكان في معنى الرقية.


(١) رواه مالك في الموطإ آخر باب النداء في السفر وعلى غير وضوء. شرح الزرقاني ج ١ ص ١٣٩.
(٢) رواه مالك في الموطإ عن عبد الله بن عبد الرحمن المازني أن أبا سعيد الخدري ... ورواه البيهقي: السنن ج ١ ص ٣٩٧.
(٣) رواه الترمذي عن عثمان ابن أبي العاص قال: إن من آخر ما عهد إليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا. حسن صحيح.
ورواه النسائي في الأذان عدد ٣٣، وابن ماجة أذان ٣.
(٤) رواه مالك في الموطإ والبخاري فتح الباري ج ١٠ ص ٤٣٠ وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>