للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: الإقامة آكد من الأذان لأنها أهبة للصلاة. وقد خوطب بها المنفرد والجماعة. والأذان لم يخاطب به إلا الجماعة، وما عم الخطاب به ها هنا آكد مما خص.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: اختلف الناس في المنفرد هل يخاطب بالإقامة أم لا؟ ومذهب مالك أنه مخاطب بها. وقد وقع في المبسوط أن الإقامة للمنفرد إنما هي لجواز أن يأتي من يأتم به. وهذه إشارة إلى ما قاله المخالف من أن المنفرد لا يفتقر لمعنى يختص به. وقد وقع في كتاب مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين في الحج بإقامة واحدة للصلاة الأولى (١).

فسقوط الإقامة من الصلاة الثانية للاستغناء عنها باجتماع الناس يشير إلى سقوط الإقامة عن المنفرد. وسنتكلم على هذا الحديث فيما بعد إن شاء الله.

والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: قد قدمنا أن المقصود بالأذان في أكثر الدعاء إلى المواضع المأمور بالإتيان إليهلالإقامة الصلاة في جماعة. ولا شك أن الجوامع والمساجد والجماعات الراتبة يؤمر من أراد الصلاة بالإتيان إليها ليحصل له فضل الجماعة. ولما كان الإِمام الذي تؤدى إليه الطاعة ويقيم الجماعة يؤمر بالإتيان إليه لإقامة الصلاة، قال في الرواية إنه إذا صلى على الجنازة خارج العصر وحضرت الفريضة، أنه يؤذن للفريضة ويقيم. وأما المنفرد أو الجماعة غير الراتبة، الذين لا يفتقرون إلى إعلام غيرهم بالصلاة، وهم في الحضر فاختلف هل يستحسن لهم الأذان لأنه ذكر من الإذكار وفيه إظهار شعار الإِسلام أو لا يستحسن ذلك لهم؛ لأن الغرض الأكثر في الأذان الدعاء إلى صلاة الجماعة، وهؤلاء لا يدعون أحدًا، فلم يكن لأذانهم معنى. وقد نقلت الرواة ما جرى في مبدأ الأذان من اختلاف الآراء هل يدعى الناس للصلاة بضرب الناقوس أو غيره مما ذكر (٢). فشرع الأذان إذ ذاك وهذا يدل على أن معظم القصد به الدعاء للجماعة. فإذا لم يكن هناك من يدعى فلا معنى له. وأما السفر


(١) انظر طرقه واختلاف رواياته: سنن البيهقي ج ١ ص ٤٠١.
(٢) رواه مالك في الموطإ. شرح الزرقاني ج ١ ص ١٢١ - ١٢٤. والبخاري ومسلم عن ابن عمر وأنس: اللؤلؤ والمرجان ص ٢١٣ - ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>