للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجوب فيه لم يتوجه فيه اعتراض لأن التعبد بجمع صلوات بوضوء واحد سائغ. قلنا قد مر جماعة من الفقهاء على أن الوضوء لا يفتقر إلى نية. وروي ذلك عن مالك. فإذا قلنا بهذه المقالة فلا معنى للنظر فيما يعتقد بالوضوء. لأن هؤلاء إنما يعتبرون حصول الأعضاء مغسولة كيف ما اتفق. وإن قلنا بإثبات النية في الوضوء وإن القدر المطلوب منه القصد لرفع حكم الحدث المانع واستباحة الممنوعات دون التعرض لاعتقاد وجوب أو نفل، فلا معنى للقول بأن وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بعد دخول وقت الأولى صح منه اعتقاد الوجوب. وإذا كان قبل دخول وقتها لم يصح اعتقاد الوجوب فيما لم يجب. ولكن إنما يبقى (١) النظر في حكم الوضوء قبل الوقت هل يصح وصفه بالوجوب حتى يصح اعتقاد الوجوب فيه عند فعله، وإن وجب اعتقاد ذلك عند الوضوء؟ أو يكون واجبًا ناب عن الواجب بعد الوقت وإن لم يجب اعتقاد الوجوب حين الفعل؟ أو (٢) يوسف بأنه نفل ناب عن الواجب؟ هذا مما يختلف فيه أهل الأصول.

والوضوء قبل الوقت كالصلاة في أول الوقت لجواز التأخير فيهما. وحصول الأجزاء بإيقاعهما، لكن الصلاة وقتها محدود ووجوبها متعلق (٣) بشرط تجدد الأزمان. والوضوء غير محدود بزمن وإنما هو متعلق (٤) بتجدد أحداث.

وإنما يبقى نظر واحد وهو أن القاضي ابن الطيب ومن تابعه لا يبيح التأخير للصلاة الواجبة بأول الوقت إلا بأن يفعل المكلف العزم بدلًا عن تقدمتها. إذ لو لم يقل بذلك لأداه لإثبات واجب يترك إلى غير بدل ولا إثم فيه. وهذا يبطل حقيقة الوجوب. فإذا قيل إن الوضوء كالصلاة وأنه يجب وجوبًا موسعًا فهل يكون تاركه قبل الوقت إنما يباح له الترك بشرط العزم كما قيل في الصلاة؟ هذا يلزم بلا شك. ولكن القول به (٥) شنيع (٦). وقد يسبق إلى النفس


(١) يبقى = ساقطة من -و-.
(٢) ويوصف -و-.
(٣) معلق -ح-.
(٤) معلق -ق-.
(٥) فيه -و -ق-.
(٦) يشيع -و- يتسع -ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>