للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا قيل إنه (١) ليس من شرطها فلا نقول إنه ليس بفرض، إذ ليس كل الفروض من شرط الصحة. فقد جعل الإجزاء يحصل مع كون ما أحل به فرضًا. واعتذر فيما حكيناه عنه أيضًا من قولهم إن العامد يعيد الصلاة أبدًا، بأن ذلك قد يحمل على القول إن غسل النجاسة سنة. وعبر ها هنا في التلقين بأنها مع الذكر شرط الصحة. وشرط الصحة في الفرض يجب عند أهل الأصول أن يكون فرضًا.

وغيره من الأشياخ يحمل القول بالإعادة مع العمد أبدًا، على أن غسل النجاسة فرض، والإعادة في الوقت على أنها سنة.

وسبب هذا الاضطراب في العبارة عن هذا المعنى اختلاف المتقدمين من أصحاب مالك. فمنهم من قال يعيد أبدًا وإن كان ساهيًا. وهذا كالتصريح بأنها فرض، إذ لا تعاد الصلاة أبدًا مع السهو إلا للإخلال بفرض. فهذا قول يتضح ما يخرج عليه.

وقال بعض أصحاب مالك في العامد يعيد أبدًا وفي الساهي يعيد في الوقت.

وقال بعضهم في العامد يعيد في الوقت. ففي التخريج على هذين القولين وقع الاضطراب. فمن الأشياخ من خرج منهما قولين آخرين: القول بأنها سنة على الإطلاق، والقول بأنها فرض مع العمد دون السهو على حسب ما حكيناه عنهم. ومنهم من استدل بإيجاب الإعادة أبدًا مع العمد على أن غسلها فرض. وبالأمر بها في الوقت على أنها سنة.

والقاضي أبو محمَّد اضطرب قوله كما بيناه لك. ومن عجيب ما في هذه المسألة أن القاضي أبا محمَّد حكى الاتفاق على تأثيم من تعمد الصلاة بها (٢).

والاتفاق على التأثيم كالاتفاق على الوجوب. إذ التأثيم إنما يختص بالواجبات.

وقد سالت بعض أشياخي عن هذا فقلت له ما معنى الاختلاف في كونها فرضًا


(١) أنه = ساقطة من - ق - ح - وذلك مبني على اختلاف الرواية للتلقين- انظر تعليقنا عليه.
(٢) من صلى بها -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>