للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: كتبه في الحكمة.

ذكر المقري أن له تعليقًا على شيء من رسائل إخوان الصفا، سأله السلطان تميم عنه (١).

لقد كان لهذه الرسائل تأثير في الدولة الإِسلامية في العصر الذي ألفت فيه القرن الرابع الهجري وفي القرون التالية. إذ أن مؤلفيها قد أخفوا أسماءهم وخلطوا في كلامهم بين الدين والفلسفة والطبيعيات. والحسابيات. وقام مذهبهم على التأويل والرمز. وعلى الافتراض. وهم يهدفون فيما يهدفون إليه إلى تكوين جماعات سرية يعملون، بواسطة تربيتهم على طاعة كل طبقة لمن هي فوقها طاعة كاملة، على تقويض السلطة العباسية في المشرق والوصول إلى الحكم.

وهم بما سطروه وما يدعون إليه قد سلكوا منهجًا يناقض منهج علماء السنة. إذ يؤولون النصوص تأويلات بعيدة. ويدعون أن العلم الكامل تصل إليه الطبقة العليا بعد سن الخمسين. فتشهد حقائق الأشياء على ما هي عليه. فإذا وصل السالك إلى هذا المقِام يكون فوق الطبيعة والشريعة والناموس.

ولذا فهم لنزعتهم السياسية يكونون خطرًا على أنظمة الحكم. ولانحرافهم في تأويل النصوص ولَيّ عنقها بلى ما اقتبسوه من فلسفة القدماء كانوا هدف حملة علماء المسلمين المستبصرين.

ويبدو أن الرسائل وصلت بالطرق السرية التي كان يسير عليها أتباعهم. وصلت إلى المهدية. وكان الطود الشامخ الذي يدفع المكائد عن الإِسلام هو الإِمام المازري لإمامته في علوم الشريعة وتضلعه بالعلوم الحكمية. ولذا انتدبه تميم بن المعز ليكشف زيف هذه الرسائل وليبصر الناس بانحرافاتهم ويكشف عن خطر ضلالاتهم. فقام بهذا العمل ولكن لم يصلنا رده الذي نصر به الدين وقمع به دسائسهم السياسية. ومخارقهم.


(١) أزهار الرياض ج ٣ ص ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>