رزق الإِمام المازري من سعة المدارك والنباهة والذكاء والجد في تحصيل العلم ونشره ما استحق به أن يتفق عارفو فضله على تلقيبه بالإمام. وكما سبق هو علَم يمثل الثقافة الإِسلامية بجمعه بيق علوم متنوعة، ساعدته مواهبه وجده أن يكون مرجعًا فيها. ولكن إمامته تظهر بصفة أتم وأجلى في ميدان الفقه. ففي هذا العلم تعددت تآليفه ومحض معظم نشاطه. فمما ذكر له من الآثار الفقهية.
١ - كشف الغطاء عن لمس الخطأ. ذكره المقري. وكذلك ابن ناجي مع بيان سبب تاليفه وذلك في ترجمة أبي محمَّد عبد الله التبان أنه وقعت يده على ساق ابنته وهو يظنها زوجته ففارق الزوجة أم البنت ورأى أنها حرمت عليه بهذا القدر. ثم أخذ يناقش القول بالتحريم مبينًا من يقول بعدم التحريم من شيوخ القيروان وعد منهم أبا القاسم بن محرز الذي ألف فيه تأليفًا. ثم قال واختاره المازري أيضًا وألف فيه تأليفًا واعتمد على تأليف بن محرز وسماه كشف الغطاء عن لمس الخطأ (١).
٢ - فتاوى المازري:
وهذه الفتاوى لم يجمعها الإِمام في كتاب. ولكن وردت موزعة في دواوين الفقه للذين جاؤوا من بعده وخاصة البرزلي والونشريسي قد اعتنى بها د. الطاهر المعموري وجمع ما وصلته يده منها. والإمام الذي انتصب للتدريس والإفتاء كما بيناه خمسًا وستين سنة تقريبًا نرجح أن فتاواه كانت متنوعة حفظ بعضها وذهب الكثير منها. وتتميز هذه الفتاوى بالتزام مذهب مالك. والتوجيه بأسرار الشريعة. والشجاعة في الاستقلال بما حصل عنده بعد النظر. وهي تعبر عن المشاكل الاجتماعية والأوضاع السياسية في عصره.
وهذان الأثران هما من الآثار المستقلة.
(١) معالم الإيمان ج ٣ ص ٩٥. والمثبت في النص قال ابن المواز في كتاب الخيار. وفي أسفل الصفحة وفي "ق" قال المازري وهو الصواب لأن ابن المواز توفي قبل السيوري بقرنين.