للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَالنَّجْمِ} فلم يسجد ولم يقل إني سجدت. وأما حديث ابن عباس فأجيب عنه بأنه لم يشهد جميع إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وإنما كان قدومه سنة ثَمان بعد الفتح فلا يُرد حديث أبي هريرة مع صحة سنده بمثل هذا. مع كونه مثبتًا والمُثبِت أولى. مع جواز أن يحمل على أنه ترك السجود ليشعر بسقوط وجوبه أو يكون تركه لأنه اتفق أن كان عذرٌ منع من السجود. وأما السجدة الثانية من الحج فقد تعلق من أثبتها بقول عبد الله بن عمرو بن العاصي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرأه خمس عشرة سجدة (١). وأجيب عنه بأنه لم يقل أنه سجد فيها ولا أمره بالسجود. ولعله أراد أن يخبر أنه سمع القرآن كله منه أو أكثره.

وتعلقوا بقول عقبة: يا رسول الله في الحج سجدتان قال نعم. من لم يسجدهما فلا يقرأهما (٢) وبأنه مذهب عمر وأبي وعلي وابن عباس وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. وقال ابن إسحاق أدركت الناس سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين قالوا والآية وإن ذكر فيها الركوع مع السجود فلا يقتضي ذلك سقوط السجود في التلاوة. وقياسًا على قوله تعالى: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} (٣) لأن هذا قياس ترده الآثار التي ذكرناها.

أما قول الشافعي في سجدة "ص" إنها ليست من العزائم لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأها فسجد ثم قرأها في الجمعة الأخرى فلم يسجد حتى تشوف الناس سجودها فنزل وسجد، وقال إنها توبة نبي. ولكن رأيتكم تشوفتم السجود فسجدت (٤). فلا دليل فيه على أنها بخلاف غيرها من العزائم لأن الغرض بالخبر الإشعار بسقوط وجوبها. وكذلك قوله سجدها داود توبة ونحن نسجدها


(١) تقدم قريبًا. الهداية ج ٢ ص ٢٧٣.
(٢) أخرجه د - ت وأحمد والحاكم قال الترمذي ليس إسناده بالقوي وقال الحاكم لم نكتبه مسندًا إلا من هذا الوجه نصب الراية ج ٥ ص ١٧٩.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٤٣.
(٤) عن أبي سعيد الخدري قال الحاكم وهو على شرطها وقال البيهقي حسن الإسناد صحيح. الهداية ج ٤ ص ٢٧٨ - ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>