للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السر دون الجهر. والدليل على الجواز حديث أبي هريرة لما صلى بهم فقرأ بالانشقاق فسجد ثم قال سجدت بها خلف أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - وأيضًا فإنه قد ثبت أنه عليه السلام كان يقرأ في يوم الجمعة في الصبح بـ {الم} "السجدة" وهل أتى على الإنسان (١). وكان عبد العزيز بن مروان وأبو بكر بن حزم يؤمان بهما في الصبح يوم الجمعة وحديث أبي هريرة وما ذكر معه فإنما هو في صلاة الجهر. فلهذا قصر أبو حنيفة الجواز على صلاة الجهر وحملناها نحن على الأمن من التخليط، فلهذا اشترطناه. وأما الشافعي فيحتج للجواز، وإن كانت صلاة سرّ، بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - سجد في الظهر فرأى أصحابه أنه قرأ سورة سجدة (٢). وأما اختلاف أصحابنا في الفذ، والإمام الذي يأمن من التخليط فسببه أن من اعتبر في علة الكراهة التخليط أجاز للإمام الذي يأمن من التخليط وللفذ.

ومن اعتبر زيادة في الصلاة على مقاديرها اختيارًا. وأن ذلك على خلاف المشروع كره للإمام وإن أمن وللفذ.

وإن قرأ الإِمام السجدة في الموضع الذي أجزناه له فلا شك أنه مأمور بسجودها ومن خلفه مأمور باتباعه. وإن قرأها في الموضع الذي نهيناه عنه سجد بها. إذ لا يحسن الإخلال بالسجود بعد قراءتها. واختار بعض أشياخي إذا قرأ سورة السجدة ألا يقرأ موضع السجدة تحرزًا من الكراهة. فإن قرأها وكانت صلاته سرًا أعلن بقراءة (٣) السجدة ليشعر من خلفه أنه لذلك سجد وقد قال أبو هريرة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا الظهر ويسمعنا الآية أحيانًا (٤). فإذا أسمعهم الآية لغير سبب (٥) مثل ما نحن فيه. فأحرى فيما يقتضيه سبب. وهو إزالة التخليط عن المأمومين.


(١) كلام غير واضح بمقدار أربع كلمات.
(٢) رواه أبو داود: مختصر المنذري عدد ٧٧٠ الحديث. وأحمد والحاكم والطحاوي عن ابن عمر حرز الأماني ج ٤ ص ١٦٢.
(٣) بقراءته للسجدة - قث.
(٤) رواه البخاري ومسلم: نصب الراية ج ٢ ص ٣. والسدي والسيوطي على النسائي عن البراء بن عازب وعن أبي سعيد الخدري وعن أبي قتادة ج ٢ ص ١٦٣ - ١٦٦.
(٥) لغير سبب اقتضى ذلك مثل -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>