للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قال لا يسئمون فلانه تمام معاني السجدة فإنها شرعت مرة بالأمر ومرة بذكر استكبار الكفرة. وذكر خشوع المطيعين. وفي الآية الأولى أمر وفي الثانية ذكر استكبار الكفرة وخشوع الملائكة فكان إيقاع السجود عند استيفاء المعنيين أولى. وقد جاءت سجدة الرعد والنحل والحج بمدح من سجد، وسجدة الفرقان وغيرها بذم من عاند. فامرنا بالتشبه بالممدوحين والمخالفة للمعاندين.

وجاءت سجدة النجم وغيرها بالأمر بالسجود فامتثلناها. فلما اشتملت سجدة حم على معنيين مما ذكرناه (١)، حسن إيقاع السجود عند استيفائهما مع أنه إحوط. وزيادة هذا المقدار من التلاوة لا يُخرج عن حكم السجود على القول الأول.

وأما مواضع السجود التي لم يذكرها القاضي أبو محمَّد فذكر ابن حبيب أن السجدة الثانية في الحج عند قوله: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٢). وفي النجم آخرها عند قوله: {وَاعْبُدُوا} (٣). وكذلك في الانشقاق والعلق. عند خاتمتهما. قال القاضي أبو محمَّد السجدة في الانشقاق عند قوله تعالى: {لَا يَسْجُدُونَ} (٤).

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: أما المصلي صلاة الفرض فهل يجوز له أن يقرأ ما فيه سجدة أم لا، فإنه إن كان إمامًا وخاف أن يُخلّط على من خلفه نهي عن ذلك. وإن أمن التخليط على غيره إذا سجد أو كان فذًا فظاهر المذهب على قولين: فإن كانت الصلاة صلاة سر فإن سجوده يتقى منه أن يخلط عليهم، وإن كانت صلاة جهر والجماعة كثيرة فكذلك أيضًا لأن الجهر وإن كان رافعًا للتخليط فالكثرة توقع فيه. وإن كانت الجماعة قليلة. فإنه يؤمن من التخليط. فأجازه مالك في المجموعة والعتبية. وكرهه في المدونة للإمام على الإطلاق. وكذلك أيضًا كره في المدونة للفذ وأجيز ني غيرها. وأما الشافعي فإنه لا يكره قراءة سجدة في الصلاة. وأما أبو حنيفة فإنه يكره ذلك في صلاة


(١) ذكرنا -و-.
(٢) سورة الحج، الآية: ٧٧.
(٣) سورة النجم، الآية: ٥٣.
(٤) سورة الانشقاق، الآية: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>