للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يختلف فيه المذهب فيما علمت. وإن ذكر وهو راكع لم يرفع ففيه قولان. وهما مبنيان على ما قدمناه في عقد الركلعة هل هو تمام الإنحناء أو رفع الرأس؟ فقال مالك في هذه المسألة يمضي على ركوعه وقال أشهب بل ينحط للسجود. وإذا أمر المصلي الناسي للسجدة في ركعته أن يسجدها في الثانية فهل يسجدها قبل قراءة أم القرآن أو بعد قراءتها؟ اختلف الأشياخ فقال الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد بعد قراءتها. وقال الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمان بل قبل قراءتها. قال وإنما يكره أن يقدم قبل أم القرآن ذكر أو دعاء في الركعة الأولى إذا أحرم. وأما في غيرها فلا يكره ذلك. وكان الشيخ أبا محمَّد حافظ على الرتبة (١) الأصلية وهي كون السجود بعد القراءة، وكان الشيخ أبا بكر حافظ على تعجيل القضاء، ورأى أنه إذا صارت الركعة الثانية هي محله، قُدم أولها. لأنه أقرب إلى موضعها الأصلي. وإن لم يذكر المصلي للنافلة السجدة حتى عقد الثانية، فقد فاته (٢) السجود وقضاؤه في هذه الصلاة. وقال أشهب بل يسجد وإن لم يذكر إلا وهو جالس لم يسلم أو قد سلم.

والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: أما قارئ السجدة فإنه لا يركع بها عندنا. قاله مالك وابن القاسم لأنه إن قصد بفعله الإتيان بما عليه من الركوع فقد ألغى السجدة. وإن قصد السجدة فقد أحالها عن صفتها وأزالها عن هيئتها.

ونحا ابن حبيب إلى إجازة ذلك. وهكذا قال أبو حنيفة أن الركوع يقوم مقام السجود ولكنه جعل ذلك من ناحية الاستحسان. واحتج بقوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (٣).

وأجيب عنه بان المراد أنه سجد وعبر عن السجود بالركوع بدليل قوله: {وَخَرَّ} إذ لا يقال خرّ راكعًا وإنما يقال خرّ ساجدًا. ويمكن عندي أن يكون ابن حبيب رأى أن السجود الأصلي المتصل بالركوع يُغني عنها لأن صورته كصورتها. وهو يفعل عقيب قراءتها فاكتفي به عنها. كما ينوب غسل الجنابة عن غسل الجمعة لتساويهما في الصورة وحصول الغرض من غسل


(١) المرتبة -و-.
(٢) فات -و-.
(٣) سورة ص، الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>