للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجمعة بغسل الجنابة. فإن قلنا بما قاله مالك وتعمد فعل الركوع اعتد بركعته وقرأها في ثانيته على حسب التفصيل الذي أمرنا به ناسي سجودها عند قراءتها في الأولى، فذكر في الثانية. وإن لم يتعمد الركوع ولكنه أراد السجود لها فركع ناسيًا فهل يعتد بركوعه أم لا؟ فيه قولان: أحدهما أنه لا يعتد به. فإن ذكر وهو منعن خر لسجدته، وإن ذكر وقد رفع لم يعتد بركعته وألغاها. وهذا مذهب ابن القاسم. والثاني أنه يعتد بركعته. وإلى هذا ذهب مالك. فإن ذكر وهو منعن رفع متممًا للركعة. وإن ذكر بعد أن رفع فقد تمت الركعة ويقرأ السجدة فيما بعد على حسب ما تقدم. فإن قلنا بالإلغاء فقال بعض المتأخرين: يسجد السجدة ثم يقوم فيقرأ شيئًا ثم يركع. وإنما أمره ها هنا بقراءة شيء استحسانًا ليكون الركوع عقيب قراءة على حسب عادات الشرع وإلا فقد قال ابن حبيب من قرأ سورة في آخرها سجدة فسجد ثم قام فإن شاء ركع وإن شاء قرأ من الأخرى شيئًا ثم ركع. وسبب هذا الاختلاف في الاعتداد بهذه الركعة أن الانحطاط للركوع ها هنا لم يكن بنية الركوع ولكن بنية السجود. والركوع فرض والسجود نفل. فإن قلنا أن الحركة إلى الأركان غير مقصودة في نفسها وإنما القصد أن يحصل المصلي راكعًا فهذا قد حصل راكعًا فينوي بركعته الفرض. وأعظم مراتب الانحطاط أن يكون كالفرض (١). ولو صح الركوع مع عدمه لاكتفي به.

وها هنا قد صح الركوع. وإن قلنا أن الحركة إلى الأركان مقصودة في نفسها وقلنا إن الخروج عن نية الفرض إلى نية النفل لا يمنع الاعتداد كالمصلي في نفل وهو في فرض يعتقد أنه أكمل، اعتد هذا بركعته. وإن قلنا أنه يمنع الاعتداد لم يعتد هذا بركعته. ولقد استبعد ابن حبيب قول ابن القاسم حتى تأول قوله: لا يعتد بالركعة. على أن مراده لا يعتد بالركعة في النيابة (٢) عن السجدة، ولا معنى لاستبعاده مع ما أريناك من وجه قوله. وحاول الشيخ أبو محمَّد خلاف ما حاول ابن حبيب فتأول قول من قال بالاعتداد على أنه إنما أجاب عن من قصد في الانحطاط الركوع ساهيًا عن السجدة. ولكنه مع هذا أشار إلى تخريج الخلاف


(١) كالعدم - قث.
(٢) الثانية - قث -وهو غير مستقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>