للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة المنسية قول بعض أصحابنا إن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها (١) وقتان راجعان إلى الفعل. وهو إذا صُليت الصبح أو العصر، ووقتان راجعان لنفس الوقت. وهما بعوإلاصفرار وعند الطلوع (٢). وذكرنا اختلاف الناس فيما يتعلق بذلك الفصل. وقد اختلف الناس في صلاة التطوع بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر، فمذهبنا النهي عنها على حسب ما ذكره القاضي أبو محمَّد. وبه قال أبو حنيفة ووافقنا الشافعي على ذلك فيما لا سبب له. فاما ماله سبب من النوافل فإنه يجيزه. وبما ذهب إليه الشافعي قال جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.

وقال ابن المنذر يجوز فعل النوافل بعد العصر إلى أن تصفر الشمس. وقال داود بل إلى أن تغرب. وذهبت طائفة إلى قصر النهي على طلوع الشمس حتى ترتفع. وعلى دنوها أيضًا إلى الغروب للمغيب حتى تغيب. وذكر الطبري أن هذا مذهب ابن مسعود وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاصي وبلال رضي الله عنهم. وذكر عن علي وأبي أيوب وتميم الداري وأبي الدرداء رضي الله عنهم أنهم كانوا يصلون ركعتين بعد العصر. وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يصلي بعد صلاة الفجر.

فاما نحن فنستدل بقوله عليه الصلاة والسلام: لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس (٣). وقد قال ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون ارتضاهم عمر بن الخطاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد صلاتين صلاة الصبح وصلاة العصر (٤). واختلفت إشارات الذاهبين إلى ما ذهبنا إليه، وفي معنى النهي عن ذلك. فمنهم من أشار إلى أن النهي عن ذلك حماية لئلا توقع التوسعة فيه إلى الصلاة حالة الطلوع والغروب. وقد أشار إلى هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لأنه لما نهى تميمًا الداري عن الصلاة بعد

العصر فقال له تميم: صليتها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال عمر: ليس من إياكم من أنهى


(١) فيها = ساقطة -و-.
(٢) وعند طلوع الشمس - قث.
(٣) رواه البخاري ومسلم والبيهقي. السنن ج ٢ ص ٤٥٢.
(٤) متفق عليه والأربعة وأحمد: مختصر المنذري ج ٢ ص ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>