للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمكة إلا بمكة" (١). وهذا يخصص ما تقدم من النواهي المطلقة والزيادة مقبولة.

وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ي ابن ي عبد مناف من ولي منكم من أمور الناس شيئًا فلا يمنعنّ أحدًا طاف بهذا البيت وصلى آية ساعة شاء من ليل أو نهارًا" (٢). وهكذا لم يفرق أصحابنا بين يوم الجمعة ولا اغيرها. فإذا قلنا بالنهي عن الصلاة نصف النهار نهي عن ذلك يوم الجمعة أيضًا. وبه قال أبو حنيفة. وأجاز الشافعي وأبو يوسف التطوع في نصف نهار يوم الجمعة. فلنا عموم النهي. وله قول الخدري: نهى عليه الصلاة والسلام عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة (٣). ولأن الناس يوم الجمعة ينتظرون الصلاة فيغلبهم النوم فأبيحت لهم الصلاة ليشتغلوا بها عن النوم.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: اختلف الناس في الركوع تحية المسجد حال خطبة الإِمام يوم الجمعة، فمنعه مالك وأبو حنيفة وأجازه الشافعي، ورأى أن حكم تحية المسجد في هذا الحال باق على أصله.

فاحتج أيضًا بقوله عليه الصلاة والسلام: إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب أنصت فقد لغوت (٤). فإذا نهي عن التشاغل بقول: أنصت وكان الركوع أشد شغلًا فهو أولى بالنهي. ولقوله عليه الصلاة والسلام: إذا دخل أحدكم المسجد والإمام يخطب فلا صلاة له ولا كلام حتى يفرغ (٥). وهذا نفي لجميع الصلوات حيئنذٍ إلا ما خرج بدليل، ويقوله عليه الصلاة والسلام لرجل دخل المسجد وهو يخطب: اجلس فقد آنيت وآذيت ولم يأمره بالركوع (٦). وهكذا صنع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لما دخل عثمان وهو


(١) هذا حديث أبي ذر. رواه البيهقي: السنن ج ٢ ص ٤٦ أو في إسناده ضعف.
(٢) رواه الحميدي والبيهقي. السنن ج ٢ ص ٤٦١.
(٣) رواه البيهقي. السنن ج ٢ ص ٤٦٤.
(٤) متفق عليه ورواه الأربعة والطحاوي: نصب الراية ج ٢ ص ٢٠٢.
(٥) رواه الطبراني في الكبير. جامع السيوطي. حديث ١٢٢٣.
(٦) هذا رواه أحمد حرز الاماني ج ٤ ص ١٨٨. ورواه ابن ماجة. حديث رقم ١١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>