للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغروب إلى أن تقام الصلاة وبعد طلوع الفجر إلى أن تقام الصلاة لقوله في الصحيحين: بين كل أذانين صلاة قال ذلك ثلاث مرات ثم قال ذلك لمن شاء (١). ومراده بالأذانين الأذان والإقامة. وفي حديث آخر قال: "صلوا صلاة قبل صلاة المغرب" (٢). وقال عقبة بن عامر كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣). وأما الصلاة إذا استوت الشمس نصف النهار. ففيه قولان: أجازها مالك في المدونة. وقال في المبسوط لا أحبها للذي بلغني من النهي فيها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأما الجواز فلما قدمناه من النواهي المقيدة مثل حديث طلوع الشمس وغروبها وبصلاة الصبح والعصر. وهذا يقتضي قصر النهي على ذلك. وقد قال مالك ما أدركت أهل الفضل والعبادة إلا وهم يهجرون ويصلون نصف النهار. وأما النهي فلما رواه في الموطإ بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ثم إذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها" (٤). ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في تلك الساعات.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: لم يفرق أحد من أصحابنا بين مكة وغيرها من سائر البلاد في حكم ما قدمناه من النهي. وبه قال أبو حنيفة.

وأجاز الشافعي صلاة التطوع بمكة في جميع الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.

فلنا عموم النواهي انمتقدمة ولم يفرق فيها بين مكة وغيرها. ولأن النهي كان لمعنى مقارنة الشمس قرن الشيطان. وهذا المعنى يعم سائر الأمكنة فوجب أن لا يخص مكان دون مكان، كالنهي عن صوم يوم النحر. لما كان المعنى عم الأمكنة كلها. واحتج الشافعي بما رواه أبو ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إلا بمكة إلا


(١) متفق عليه أخرجه الأربعة أيضأوالبيهقي: مختصر المنذري. حديث رقم ١٢٣٨.
والبيهقي ج ٢ ص ٤٧٤.
(٢) رواه البخاري وأبو داود والبيهقي: بلوغ الامانى ج ٦ ص ٢٧ أو السنن ج ٢ ص ٤٧٤.
(٣) رواه أحمد والنسائي سنده جيد: بلوغ الامانى ج ٦ ص ٢١٠.
(٤) أخرجه مسلم. إكمال الإكمال ج ٢ ص ٤٣٦ والترمذي والبيهقي السنن ج ٢ ص ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>