عنه أيضًا أنه قيل له الذي ترويه كله عن إبراهيم سمعته منه؟ فقال منه ما سمعته ومنه ما أقيس عليه. وهذا يوجب عدم الثقة بحديثه. ويرجح المخالفون أيضًا حديثهم بأن السلام مُخرج من العبادة. ومن خرج منها فلا يعود إليها. فكان ترك اشتراطه في كلل ركعتين أولى. ولأن البقاء على الصلاة أشق من التحلل. فكان بزيادة المشقة فيه أولى. وقد احتج على الشافعية في إجازتهم الاقتصار على ركعة واحدة بما كنا قدمناه في غير هذا الموضع، من أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البتيراء.
وبأن ما لا يجزئ في الفرض لا يجزئ في النفل كالسجدة. وأجابوا عن الخبر بأنه مرسل أرسله محمَّد بن كعب. وأيضًا فإن ابن عمر فسر البتيراء بان يقوم الرجل فيصلي ركعة يقرأ فيها ويتم ركوعها وسجودها ثم يقوم إلى الثانية فلا يقرأ فيها ولا يتم ركوعها ولا سجودها. وأجابوا عن القياس على السجدة بأنها لا تجمع أفعال الصلاة بخلاف الركعة. على أن النفل لا يقاس عليه الفرض.
واستقبال القبلة يسقط في النفل ولا يسقط في الفرض. على أنه قد يعكس القياس المذكور على الفرض بان يقال: أول الشفع صلاة فرض فيجب أن يكون (١) الوتر صلاةَ نفل. هذا المعنى من القياس وإن لم يكن. نصَّ عليه أصحاب مالك والشافعي فهو مقتضب مما نصوا عليه.
والجواب عن السؤال السابع: أن بقال: أما الجهر والإسرار في النافلة فجائز. واستحب ابن حبيب الجهر في نافلة الليل واختار مالك رفع الصوت فيها. وكان الناس يتواعدون بالمدينة لقيام القُرَّاء بالليل. وأما نافلة النهار فقال
مالك في المبسوط: يخافت فيها بالقراءة.
قال الشيخ أبو محمَّد يستحب فيها الإسرار. وذكر القاضي أبو محمَّد أن في الإجهار فيها قولين: الجواز والكراهة. وقد كنا قدمنا ذكر الخلاف في هذه المسألة.
والجواب عن السؤال الثامن: أن يقال: القيام ركن من أركان الصلاة وشرط في صحة صلاة الفرض مع القدرة عليه. لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ