للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَانِتِينَ} (١). وخص من هذه الآية العاجز عن القيام في الفرض. لقول عمران بن حصين رضي الله عنه كانت به بواصير فسالت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جَنْب" (٢). وخص بهذا الحديث أيضًا من لا يستطيع القيام في النافلة إذا قلنا أن الآية واردة في الفرض والنفل. وأما من يستطيع القيام في النافلة فإن له تركه والصلاة جالسًا *ويخص هذا بما روي من صلاته - صلى الله عليه وسلم - النافلة جالسًا* (٣) ولقوله عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين وقد سأله عن صلاة الرجل قاعدًا فقال: إن صلى قائمًا فهو أفضل ومن صلى قاعدًا فله أجر نصف القائم ومن صلى نائمًا فله أجر نصف القاعد (٤). وقد اختلف الأئمة في تنصيف الأجر على ماذا يحمل؟ فحمله ابن الماجشون على من صلى قاعدًا مع القدرة على القيام. ورأى أن من أقعده المرض في المكتوبة أو النافلة فإن أجره في القعود كاجره في القيام. ورأى بعض المتأخرين أن التنصيف في صلاة الفرض جالسًا مع العجز عن القيام أو في صلاة النافلة جالسًا مع القدرة على القيام أو العجز عنه. وذكر إسماعيل القاضي أن الحديث ورد في النوافل.

قال لأن الإتيان بها غير واجب. فإذا أتى بها جالسًا كان له نصف أجر القائم على رأي من قدمنا ذكره من المتأخرين. وتخصيص الحديث بالنوافل يفتقر إلى دليل وكان بعض أشياخي يميل إلى طريقة ابن الماجشون ويحتج لها بإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن كان له حزب من الليل فغلب بالنوم عليه أن له أجره ونومه صدقة عليه (٥).

فإذا كانت الغلبة المانعة من فعل الصلاة يكتب معها أجر جميع الصلاة فالغلبة عن بعض الصلاة يكتب له أجر ذلك البعض. وهذا الذي قاله شيخنا يروق ولكن يلزم على طرده أن يكتب للحائض أجر الصلاة أيام حيضها لما كانت مغلوبة على تركها. فإن التزم هذا فقد طرد أصله. وبالجملة فإن التحقيق أن القياس الشرعي


(١) صورة البقرة، الآية: ٢٣٨.
(٢) أخرجه الجماعة إلا مسلمًا. نصب الراية ج ٢ ص ١٧٥.
(٣) ما بين النجمين = ساقط -و-.
(٤) البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. نصب الراية ج ٢ ص ١٥٠.
(٥) رواه مالك وأبو داود والنسائي. الموطإ ص ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>