للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهمل بيوع الآج الذي التلقين تهمم لذلك وبسط القول فيه ونبه على ذلك. وهو ينقل عن أمهات الكتب في المذهب ويقارن بينها كمدونة أشهب والواضحة. ومختصر المدونة. والعتبية وغيرها. فكان بهذه الناحية فقيهًا قيروانيًا.

وهو من ناحية أخرى. يورد الأدلة من الكتاب والسنة. ومن القياس ويقوم بالتنظير بين المسائل المتشابهة في مقصد الشارع وإن اختلفت أبوابها. كما يعني أشد العناية بالقواعد الأصولية وإيصالها باستنباط الفرع الخاص كما بيناه في تضلعه بعلم الأصول. وهو بهذه الناحية سألك مسلك أهل العراق.

وطريقة الجمع هذه مع العناية بأقوال المذاهب الأخرى قد تأثر بها في نظرنا ابن رشد الحفيد في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد. كما تأثر بها شهاب الدين القرافي في كتابه الذخيرة.

ويتبنى المقري تعليقًا لبعض المتأخرين على صناعة التأليف. مضمونه أن علماء تونس أقدر على التأليف وعمق النظر من علماء تلمسان وأن العلة في ذلك كون صناعة التعليم، وملكة التلقي لم تبلغ فاسًا كما هي بمدينة تونس، اتصلت إليهم من الإِمام المازري، كما تلقاها عن الشيخ اللخمي، وتلقاها اللخمي عن حذاق القرويين. وانتقلت ملكة هذا التعليم إلى الشيخ ابن عبد السلام مفتي البلاد الإفريقية وأصقاعها، المشهود له برتب التبريز والإمامة، واستقرت تلك الملكة في تلميذه ابن عرفة رحمه الله (١).

إن هذه السلسلة التي نظمها صاحبها جاعلًا الإِمام المازري واسطة عقدها. ارتوى من المدرسة القيروانية، وأثر فيمن جاء بعده من الفقهاء إلى ابن عبد السلام وابن عرفة. إن هذا التسلسل لا يقوم عليه دليل ولا يؤكده النظر في فقه علماء تونس. فابن عبد السلام على جلالة قدره لم يتبع منهج المازري في شرحه على مختصر ابن الحاجب (٢).


(١) أزهار الرياض ج ٣ ص ٢٣/ ٢٤.
(٢) بمكتبتي نسخة مصورة عن النسخة الكاملة المحفوظة بالمكتبة السليمانية بإسطمبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>