للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبوا إلى إجازة جمع الحاضر من غير مرض. فكيف بالحاضر إذا كان مريضًا وله ارتفاق في الجمع؟ وإنما ذكرنا مذهب هؤلاء ها هنا لنشعرك بأن مراعاة الاشتراك قد قوي عند طائفة حتى أجازت الجمع لغير عذر.

فإذا ثبت جواز الجمع فمتى وقته؟ اختلف المذهب في ذلك. فقال في المدونة، إن كان الجمع خوف الغلبة على العقل جمع بين الظهر والعصر عند الزوال وبين المغرب والعشاء عند الغروب. وإن كان للارتفاق جمع في صلاتي النهار وسط وقت الظهر وفي صلاتي الليل عند غيبوبة الشفق. واختلف على هذه الطريقة في وسط وقت الظهر فقال ابن حبيب: إذا كان الفيء ذراعًا وقال بعض الأشياخ بل نصف القامة. ومعنى قوله عند غيبوبة الشفق إذا فرغ منها غاب الشفق حينئذٍ. وهذا الاختلاف ها هنا في وسط الوقت كنحو الاختلاف في قوله في المدونة في المريض، والخائف، والمسافر، أنهم يتيممون وسط الوقت.

فقال ابن أبي زمنين: وسط وقت الظهر نصف القامة. وهذا نحو ما حكيناه ها هنا عن بعض الأشياخ. وقال أبو عبد الله محمَّد بن سفيان المُقرىء ينبغي أن يكون وسط الوقت على ضرب من التقريب عند ثلث القامة لأن الشمس عند زوالها تبطىء حركاتها وكلما مالت أسرعت. فعلى قوله هذا يجمع المريض عند ثلث القامة. وفي مختصر ابن عبد الحكم أن وقت الجمع يستوي فيه الخائف على عقله والمرتفق بالجمع، فيجمعان بان تؤخر الظهر إلى العصر والمغرب إلى العشاء. وفي مختصر ابن شعبان أنهما يستويان أيضًا ولكن يكون وقت الجمع أول وقت الظهر وأول وقت المغرب. وذهب أشهب وسحنون وابن حبيب إلى أنه إذا جمع للارتفاق جمع بينهما في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر. ورأى بعض الأشياخ أن المريض الخائف على عقله غير في إيقاع الظهر عند الزوال أو عند آخر القامة. لأن تعجيل الصلاة أول الوقت غير واجب. فإن اختار تعجيل الظهر خير في العصر بين أن يجمعها مع الظهر أو يؤخرها. فإذا قلنا بأن الخائف على عقله يجمع أول الوقت فإن فعل ثم لم يغب عقله فقد قال عيسى يعيد الآخرة. وكأنه رأى أن الجمع أول الوقت احتياطًا للصلاة من أن يخرج وقتها ولم تصلّ لذهاب العقل. فإذا علم أن العقل لم يذهب فقد ارتفع شرط

<<  <  ج: ص:  >  >>