للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة. ووجه الإبطال مع السهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قاء أو رعف أو أمذى في صلاته فلينصرف وليتوضا وليس على صلاته ما لم يتكلم" (١) فعم أنواع الكلام سهوه وعمده، وكون الراعف فذًا أو مأمومًا. وقد أشار ابن الماجشون إلى هذا بقوله إذا تكلم الراعف في ذهابه لغسل الدم عنه ابتدأ صلاته. وذلك لأن السنة إنما جاءت في بناء الراعف ما لم يتكلم. لكن قوله إذا تكلم في ذهابه لغسل الدم، إن أراد سائرًا أو راجعًا فإنه لا يتحقق له وجه. لأن عموم الحديث يقتضي المساواة بين السير والرجوع. وكذلك قوله في المدونة فلما خرج تكلم، إن كان أراد أيضًا بذكر الخروج والتقييد به، الإشارة إلى التفرقة بين السير والرجوع، فهذا خلاف مقتضى العموم أيضًا. وإن كان أراد بما في المدونة وبما قال ابن الماجشون المساواة بين السير والرجوع ولم يقع ما ذكرناه عنهما تقييدًا، فهو مقتضى العموم (٢). وأما ابن سحنون فإنه رأى أن الإِمام يحمل ذلك عنه كما يحمله عنه لو كان خلفه ولم يرعف. وكذلك المستخلف يحمل عن من استخلفه لأنه صار كإمام له. لكن تقييد ابن سحنون بعقد الركعة إن كان أراد به أن من لم يعقد ركعة فلا يبني فهذا لا فائدة لإيراده ها هنا؛ لأنه إذا كان من لم يعقد ركعة لا يبني وإن لم يتكلم فلا شك أنه إذا تكلم أحرى أنه لا يبني. وإن كان أراد به: يبني وإن لم يعقد ركعة لكن الإِمام لا يحمل عنه الكلام إذا لم يعقد ركعة. فهذا غير واضح. لأنه إذا كان في حكم الإِمام استوى عقد الركعة وترك عقدها كما يستوي ذلك فيمن لم يرعف، وقد تكلم قبل عند الركعة أو بعد عقدها. وقول ابن سحنون إن رعف قبل أن يعقد معه ركعة لم يحمل عنه الإِمام السهو: ظاهره عندي أنه أراد أنه لا يحمله وإن بني. لأن من لم يبن لا شك في أنه ليس في صلاة فيحمل عنه فيها ما يحمل.

وإن اختلف المذهب في الإِمام إذا أبطل صلاته هل يسري ذلك إلى إبطال صلاة الراعف؟ ففي كتاب ابن سحنون أن صلاة الراعف تبطل وهو طرد قوله إن الإِمام يحمل عنه سهو الكلام. وفي المجموعة عن سحنون لا تبطل صلاة


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) فهو ما اقتضى العموم -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>