الراعف. وكأنه رأى أن بخروجه لغسل الدم صار كمن خرج عن حكم الإِمام.
واختلف في الراعف إذا مشى في ذهابه على قشب يابس فقال ابن سحنون تبطل صلاته وقال ابن عبدوس لا تبطل. قال بعضهم هو كالصلاة في طريق المسجد وفيها أرواث الدواب وأبوالها. وقد فُرّق بينهما بأن الراعف ليس بمضطر إلى المشي على القشب اليابس بخلاف طريق المسجد بحصول الضرورة فيها.
والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: لا يخلو الراعف إذا خرج لغسل الدم أن يرجو إذا عاد إلى مُصلاّه إدراك بعض صلاة الإِمام أو لا يرجو إلى إدراك شيء من صلاته. فإن رجا إدراك بعض صلاة الإِمام فلا يخلو إما أن يرجو إدراك.
ركعة فأكثر أو إدراك أقل من ركعة. فإن رجا إدراك ركعة فأكثر فلا بد من عودته لاتباع الإِمام في بقية صلاته. لأنا إنما أبحنا له مفارقته للضرورة فإذا ارتفعت الضرورة فلا يصح أن يصلي منفردًا *ما يمكنه فيه اتباع إمامه* (١) وإن كان لا يدرك إلا أقل من ركعة فالمشهور من المذهب أن يعود لاتباع إمامه في بقية صلاته ولو لم يبق منها إلا التشهد. وقال ابن شعبان يصلي مكانه. فوجه المشهور أنه لا يسوغ له مفارقة الإِمام فيما قل أو جل إذا لم يرعف، فكذلك إذا رعف وزال حكم الرعاف. ووجه قول ابن شعبان أن ما دون الركعة لا تتاكد حرمته تأكيدًا يباح له المشي في الصلاة وفعل ما يضادها من مشي واستدبار قبلة مما تدعو الضرورة إليه. وإذا لم يكن له هذا التاكد في الحرمة جاز مفارقة الإِمام لصيانة الصلاة من فعل يضادها. وقد منع المذهب في أحد القولين من بناء الراعف على ما دون الركعة، لما لم يكن لما دون الركعة من التأكد حرمة تمنع من إبطاله عند الضرورة. ولو رجع لرجاء الإدراك، فتبين أنه أخطأ في تقديره ووجد الإِمام قد أكمل صلاته أتم هذا صلاته ولم تبطل لرجوعه حيث لا يجب عليه الرجوع في الباطن. لأنه رجع رجوعًا مأمورًا به. إلى هذا ذهب ابن القاسم في المبسوط.
وإن كان لا يرجو إدراك شيء من صلاة الإِمام فلا يخلو إما أن يكون في صلاة الجمعة أو في غيرها من الصلوات. فإن كان في صلاة الجمعة فإنه يرجع