للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الجامع لكون الجامع شرطًا في صلاة الجمعة. وهل الرجوع ها هنا شرط في صحة الصلاة أم لا؟ المذهب على قولين: المشهور منه والظاهر من قول مالك أنه شرط في الصحة. وإن إكمال الصلاة لا يجزي إلا فيه. وقد قال ابن المواز فيمن ذكر سجدتي السهو قبل السلام من الجمعة فلا يسجدهما إلا في المسجد، فإن سجدهما في غير المسجد لم يجزه. وقال المغيرة في الراعف إن حال بينه وبين الرجوع واد فليضف لركعته ركعة أخرى ثم يصلي أربعًا. فلم ير إكمال الصلاة جائزًا في غير المسجد، وإن كان قد منع من المسجد. هذا إذا كان الفرض عنده الأربع التي يأتي بها بعد إكمال الجمعة. والقول الثاني إن الرجوع إلى الجامع ليس بشرط في الصحة. قال ابن شعبان: يرجع إلى أدنى موضع يصلي فيه بصلاة الإِمام فيُتم هناك لأن الجمعة لا تكون إلا في المسجد. فإن أتم في موضعه لم أرَ عليه إعادة. فأشار ها هنا إلى أن الرجوع إلى الجامع من فضيلة ما بقي عليه من فضيلة صلاته لا من شرط صحتها. وكأن الجامع إنما يجب عند تكامل شروط الجمعة. فهذا إذا سقط عنه اعتبار الجماعة فيما بقي من صلاته سقط عنه اعتبار الجامع في شروط الصحة. وقوله يكمل في أدنى موضع يصلي فيه بصلاة الإِمام. إنما اعتبر أدنى ما يصلى فيه بصلاة الإِمام لأن ما زاد على ذلك مستغنى عنه. فإن قيل فإذا كانت الصلاة عنده جائزة بموضعه فالرجوع إلى أدنى موضع مستغنى عنه فيجب ألا يؤمر به.

قيل قد رآه الجمهور شرطًا في الصحة. فكأن أقل المراتب فيه عند ابن شعبان أن يراه فضيلة فيأمر به للخروج من الخلاف وتحصيل هذه الفضيلة.

وإن كان في غير صلاة الجمعة أكمل في موضعه. هذا هو المعروف من المذهب.

وفي المدونة عن مالك يرجع إلى إتمام الصلاة في مسجدي الحرمين المسجد الحرام ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكأنه رأى أن فضيلة المكانين تقتضي الرجوع وإن لم يكن المكانان شرطًا في صحة الصلاة. وهذا كمسلك ابن شعبان في أمره بالرجوع إلى صلاة الجمعة إلى حيث تصلى فيه الجمعة وإن لم يكن الرجوع عنده شرطًا في الصحة. فإن ظن هذا المصلي أنه لا يدرك فصلى مكانه

<<  <  ج: ص:  >  >>