للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تبين له أنه أخطأ وأنه لو رجع أدرك، فإن صلاته تجزيه. وقد قدمنا قول ابن القاسم في المبسوط في هذا المعنى.

ولو كان الراعف في صلاة الجنازة ففي الموازية يرجع إذا غسل الدم إلى الموضع الذي صلى فيه فيتم بقية التكبير. وكذلك صلاة العيدين. ولو أتم صلاة العيدين في بيته أجزأه. وقال أشهب إن خاف ذوات الجنازة أو العيدين فليمض على صلاته ولا ينصرف. وكذلك إن رأى في ثوبه نجاسة وليس معه غيره ويخاف الفوات في انصرافه. وليس كمن كان على غير وضوء فأراد التيمم للإدراك لأن التيمم لا يكون إلا في سفر أو مرض.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: اختلف قول مالك فيمن رعف قبل أن يعقد ركعة بسجدتيها هل يبني أم لا؟ فوجه البناء المراعاة لحرمة إبطال الصلاة. ووجه القطع والاستئناف أنه لم يمض من الصلاة ما له من تأكد الحرمة ما يباح معه فعل ما يضاد الصلاة من مشي وغيره. وقال بعض المتأخرين هذا الاختلاف مبني على الاختلاف في الفذ هل يبني أم لا؟ فمن جوزه جوزه ها هنا.

ومن منعه للفذ منعه ها هنا. ولذلك فرق ابن حبيب بين الجمعة وغيرها لأن الجمعة لا تكون إلا بإمام ولا يحصل للمأموم حكم صلاة الإِمام إلا بأن يصلي ركعة بسجدتيها. وعلى طريق (١) من قال لا يبني على أقل من ركعة لضعف حرمتها على ما أشرنا إليه جرى الأمر في مسألة المدونة فيمن رعف بعد سلام الإِمام أنه يسلم وتصح صلاته. ورأى أن إيقاع السلام بالنجاسة مع قلة مقداره والاختلاف في كونه فرضًا أولى من فعل ما يضاد الصلاة من مشي وغيره. لكنه قال في المدونة إذا رعف قبل الإِمام خرج لغسل الدم. وكان طرد ما قلناه من التعليل يقتضي أنه ينصرف، لكن حمل المسألة بعض الأشياخ علي أن المراد بها أن الإِمام لم يسلم بالحضرة. فأما لو سلم عقيب رُعافه فإنه لا ينصرف بل يسلم وتصح صلاته. وهذا الاعتذار صحيح يسلم من المناقضة فيما قلناه لأنه إذا لم يسلم بالحضرة والمأموم يجوز تطويل اللبث فإطالة اللبث بالنجاسة لا يحسن.


(١) طريقة - قث.

<<  <  ج: ص:  >  >>