للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلغاء للفرق الذي ذكرناه. وقد اختلف المذهب في الراعف في الأولى من صلاة الجمعة قبل إكمالها، ثم أتى وقد فرغ الإِمام. ففي المدونة يبتدىء الظهر أربعًا. و (١) قال سحنون يبني على إحرامه. وروي عن مالك أيضًا أنه يقطع ويبتدىء بإقامة. وقال أشهب: أستحب أن يتكلم ويبتدىء، وإن بني على إحرامه أجزأه. وإن كان قد سجد سجدة فسجد أخرى وصلى ثلاثًا أجزأه فاباح له البناء على الركوع وإحدى السجدتين. وإن كان ذلك إنما وقع بنية الجمعة فأكمل عليه صلاته ينوي بها الظهر. ولو أكمل هذا على هذه السجدة صلاة الجمعة لتخرج عند شيخنا أبي الحسن اللخمي صحة الصلاة من قول أشهب في الموازية: في من أدرك الثانية من الجمعة ثم ذكر بعد سلام الإِمام سجدة، فإنه يسجدها ويأتي بركعة وتجزيه الجمعة.

وهذا التخريج للنظر فيه مجال. وقد يفرق بين المسألتين بان ناسي إحدى السجدتين من الثانية حتى سلم الإِمام لم يحل بينه وبين إصلاحها حائل على أحد القولين عندنا، وإذا لم يحل بينه وبين إصلاحها حائل وكان مأمورًا بفعلها قدّر كانه فعلها مع الإِمام وتابعه فيها. ومن تابع الإِمام في صلاة الجمعة في ركعة بسجدتيها بني عليها جمعة من غير خلاف عندنا. والذي رعف في الأولى بعد أن ركع وسجد سجدة قد فعل الإِمام في حال تشاغله بغسل الدم جميع الركعة الثانية. وعَقد الإِمام ركعة كاملة يمنع من العود لإصلاح ما فات في حق الغافل.

وإذا منع من العود لإصلاح ما فات، فقد صارت السجدة التي يفعلها بعد سلام الإِمام غير مقدر فيها متابعة الإِمام. وإذا لم يُقدّر فيها متابعة الإِمام لم يدرك من الجمعة ركعة كاملة. ومن لم يدرك من الجمعة (٢) ركعة كاملة فلا جمعة له من غير خلاف عندنا.

وجملة الأمر مسألة أشهب في الموازية إنما بناها على أن السلام لا يحول بين المصلي والإصلاح. وهو قول مشهور عندنا. وأما إن كانت ركعة كاملة فإنها تمنع الغافل من العود للإصلاح من غير خلاف عندنا أعلمه على ما مضى بسط القول في باب الناعس. ومن تدبر هذا تبين أن تخريجه رحمه الله فيه


(١) الواو = ساقطة في جميع النسخ.
(٢) ص الجمعة = ساقطة - قث.

<<  <  ج: ص:  >  >>