للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يصل مضطجعًا، لأن استقبال القبلة يجب. والتوجه إليها، إنما يكون بالقيام أو القعود. والمستلقي على قفاه لم يستقبل القبلة، وإنما استقبل السماء، ولو استقبل القبلة بالإيماء على جنبه لم يكن ذلك استقبالًا لأنه إنما يكون الإيماء إلى يسار القبلة لا إلى القبلة. فحقيقة الاستقبال حالة الإيماء غير حاصل. وعمدة أصحاب أبي حنيفة كون القيام تبعًا. وهذا لا يسلم لهم. ولا يسلم لهم ما قالوه في النافلة لأن القيام فيها ساقط في الأصل لا لأجل سقوط الركوع. وإذا ثبت أن القيام لا يسقط بالعجز عن غيره. فلا يخلو القائم: أن يقدر على الجلوس ليسجد أو لا يقدر على ذلك. فإن قدر على ذلك وعجز عن الركوع أيضًا صلى قائمًا وأومأ للركوع ثم جلس وأومأ للسجود فإن قدر على الركوع دون السجود ركع ثم جلس وأومأ للسجود وإن كان القادر على القيام لا يستطيع أن يجلس إذا قام ولا يقدر على الركوع والسجود صلى الصلاة كلها قائمًا موميًا للركوع والسجود. فلو كان المريض لا يعجز عن ركن إلا إذا تلبس بركن آخر مثل أن يكون إذا افتتح الصلاة قائمًا وجلس للسجود في الأولى فإنه لا يقدر على القيام في باقي صلاته. وإن لم يجلس قدر أن يصلي صلاته كلها قائمًا لكنه يومئ للسجود في الثلاث ركعات الأولى ثم يجلس في الرابعة فيسجد، فأي الأمرين أولى به، الاحتفاظ على قيام ثلاث ركعات مع الاقتصار على الإيماء بسجودها أو السجود في سائر الأربع ركعات مع الاقتصار على الجلوس في الثلاث الأواخر منها؟ هذا مما اضطرب فيه المتأخرون فمال أبو إسحاق رحمه الله إلى إيثار السجود على القيام لأن السجود في الأولى يسبق فرضه فرض القيام في الثانية. ولا يترك فرض حضر وهو قادر عليه لفرض آخر لم يحضر. ولأن السجود مجمع على كونه فرضًا وهو من أعظم أركان الصلاة. وإلى هذا مال بعض أشياخي. واعتل بأن القيام مختلف في كونه فرضًا فما أجمع عليه أولى أن يراعى. وذهب بعضهم إلى أنه يصلي الثلاث الأول ركعات قائمًا يومئ فيها للسجود وأن ذلك أولى من صلاته الثلاث ركعات جالسًا ساجدًا. وكأن هذا رأى أن اعتبار القيام أولى. ولا يكاد يتحقق لهذا المذهب ترجيح إذا كان الجلوس بعض القيام. كما أن الإيماء للسجود بعض السجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>