للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وأن بعض ثوبه إذا سجد ليصيب زوجته ميمونة وهي حائض (١).

فإن عجز عن الركوع وقدر على القيام لم يسقط عنه فرض القيام. وقال أبو حنيفة هو بالخيار إن شاء صلى قاعدًا وإن شاء صلى قائمًا. هكذا نقل هذه المسألة عن أبي حنيفة بعض أصحاب الشافعي. ونقلها بعض أصحابنا إذا عجز عن السجود دون القيام فقال أبو حنيفة صلاته كلها جلوس. ونقل بعض أصحاب أبي حنيفة إذا عجز عن الركوع والسجود دون القيام لم يلزمه القيام وإن شاء صلى قاعدًا يومئ إيماء. وبالجملة فإن مذهبنا أن فرض القيام لا يسقط بالعجز عن غيره. وقد قدمنا ما قيل في قيام العاجز عن القراءة. وإنما تكلمنا ها هنا على فرض القيام على الجملة في حق القادر على القراءة.

والدليل على أن القيام لا يسقط بالعجز عن غيره أن الأصل فيما يسقط لعذر أن يتقدر بقدر عذره. فإن كان العجز هو العذر تعذر الساقط بمقدار العجز. لأن العجز كعلة في السقوط والحكم يتقدر بقدر علته. ألا ترى أن العاجز عن القيام خاصة لا يسقط عنه الركوع والسجود. وكذلك القراءة لا يسقطها العجز عن غيرها. والمريض (٢) إذا قدر على القعود لم يصل مضطجعًا.

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب" (٣).

فأمر بالقيام على الإطلاق بشرط الاستطاعة.

وأما أبو حنيفة فإنه يحتج بأن القيام تبع لهذه الأركان فإذا سقط المتبوع سقط التابع. وإذا كانِ القيام إنما أريد لها فإن لم تكن فلا معنى لإيجابه. ألا ترى أن النافلة لما سقط فيها الركوع سقط فيها القيام (٤). والقراءة لم تجب لأجل غيرها فتسقط بالعجز عن ذلك الغير. وأما القادر على الإيماء قاعدًا، فإنما


(١) روى البخاري بسنده إلى ميمونة قالت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا إلى جنْبه نائمة فإذا سجد أصابني ثوبه وأنا حائض.
(٢) المومىء -و-.
(٣) رواه البخاري والنسائي والبيهقي. الهداية ج ٤ ص ٣٤ ونصب الر اية ج ٢ ص ١٧٥.
(٤) لما سقط فيها القيام والقراعة لم تجب -و - قث-.

<<  <  ج: ص:  >  >>