للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويومىء برأسه جاز ذلك. وإن لم يمكنه الجلوس ولم تمكنه الصلاة إلا مستلقيًا فاختلف المذهب فيه، فمنعه في المدونة. وقال إن صلّى كذلك أعاد في الوقت وبعده، وأجازه أشهب وبه قال أبو حنيفة. وروي عن مالك التسهيل فيه.

وأجازه مالك في كتاب ابن حبيب في اليوم ونحوه. وكرهه فيما كثر من الأيام.

وليس للشافعي فيه نص. قال أصحابه والذي يجيء على المذهب أنه لا يجوز.

فوجه الجواز القياس على جواز السفر في شهر الصوم وإن كان ذلك سببًا في الفطر. والسفر في مواضع لا ماء فيها. وإن كان ذلك سببًا في التيمم. وعلى المسح على الجبائر. وهو انتقال عن فرض للضرورة. وقال أبو إسحاق ولأن التداوي جائز. وإذا كان جائزًا جاز أن ينتقل من القيام إلى الاضطجاع كما يجوز أن يتداوى بالفصد وينتقل إذا توضأ من غسل إلى مسح موضع العِرق وما يليه مما لا بد له من رباطه.

ووجه المنع أن النُجْح بالقدح لم تجر عادة في النفع به حتى يتحقق المقدوح أو يظن غالبًا انتفاعه به. وما كان كذلك لا يباح ترك الفروض لأجله بخلاف الفطر والتيمم في السفر (١). لأن الانتفاع بالسفر في حكم المعلوم وبخلاف المسح على الجبيرة لأن الانتفاع باجتناب الماء معلوم. ويفرق هؤلاء (٢) بين المستلقي والجالس عند بعض أشياخي بأن الجالس يأتي بعوض من الركوع والسجود وهو الإيماء بالرأس، والمستلقي لا يأتي بعوض وإنما يأتي عند الركوع والسجود بنية من غير فعل. وقد روي أن ابن عباس لما كفّ بصره أتاه رجل فقال له إن صبرت على سبعة أيام أن تصلي مستلقيًا داويت عينيك ورجوت أن تبرأ. فأرسل إلى عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك. فكل قال له إن من في هذه الأيام ما الذي تصنع بالصلاة؟ وأما تفرقة مالك بين ما قلّ من الأيام وما كثر منها فمراعاة لتأكد الحرم لأن الأيام إذا كثرت كثرت صلواتها وإذا قلت قلت صلواتها. والصلوات الكثيرة لها من الحرم أكثر مما للقليلة.

والجواب عن السؤال الثامن: أن يقال: إذا تغيرت حالة المصلي إلى ما هو أكمل وأعلي بني علي صلاته وأدى بقية الصلاة على حسب ما انتقل إليه مثل


(١) في السفر = ساقطة -و-.
(٢) هكذا في النسختين ولا يظهر لكلمة =هؤلاء= موقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>