للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يصح المصلي جالسًا في أثناء صلاته، فإنه *يكمل الصلاة قائمًا. وإن انتقل إلى ما هو أدنى كالصحيح يصلي قائمًا ثم يعجز عن القيام في أثناء صلاته فإنه* (١) عندنا-، وعند الشافعي وأبي حنيفة يبني على صلاته أيضًا ويكملها جالسًا. وقال محمَّد بن عبد الحسن تبطل صلاته لما طرأت القدرة على فرض لم يكن. ولنا القياس على من انتقل إلى الحالة العليا لأن ما مضى وتقضى قد وقع على حسب ما أمر به في الحالين. ومن امتثل الأمر فلا معنى للقضاء بفساد فعله. وهكذا عندنا لو صلى مومئًا ثم انتقل إلى القدرة على الركوع وفعل الركن الذي يومئ إليه فإنه يبني على صلاته ويكملها بفعل ما هو أعلى.

وقال أبو حنيفة يستأنف الصلاة وفرق بين هذا وبين الجالس إذا قدر على القيام وإن كانا جميعًا انتقلا إلى ما هو أعلى. فإن أصل القيام في الجالس موجود؛ لأن القيام باستواء النصفين حصلا جميعًا من الشخص والنصف الأعلى من القاعد مستو، وإذا حصل أصل القيام ووجد أصل هذا الركن وقد اشتملت النية على الركن فصح البناء عليه، لأنه إنما انعدم في أول الصلاة تمامه. وأما المومىء فلا ركوع في صلاته ولا سجود لأن الركوع حنوّ الظهر والسجود مماسة الجبين الأرض، والمومىء لم يوجد منه تحريك رأسه فإذا لم ينعقد هذا الركن في أول صلاته لم يصح إكمال الصلاة بما لم تنعقد عليه أولًا (٢).

ودليلنا ما تقدم من اعتبار امتثال الأمر. وأن المؤدي فرضه على حسب ما أمر به، لا معنى للحكم بإبطال فعله. وهذه المسألة قد تقدمت الإشارة إلى طريقتها لما ذكرنا فيما سلف للأمي إذا تعلم القراءة في أثناء الصلاة والعريان إذا وجد السترة في أثناء الصلاة. وذكرنا هناك حكم هذه المسائل. وهكذا تقدم الكلام على الإِمام إذا عجز في أثناء الصلاة عن القيام فإنه يستخلف ويرجع إلى الصف فيصلي مأمومًا. وقد أوعبنا حكم إمامة الجالس للقُيّام. وكذلك أيضًا قدمنا ما حكاه ابن حرث من الاختلاف في المريض يصلي بالمرضى فيصح بعض من خلْفَه فمذهب سحنون أنه يخرج من صلاة الإِمام ويتم لنفسه، كما يجوز للأمام أن يصير مأمومًا لوجود عذر فكذلك المأموم يجوز أن يصير فذًا


(١) ما بين النجمين = ساقط -و-.
(٢) أولًا = ساقطة - قث.

<<  <  ج: ص:  >  >>