للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من يمر من وراء ذلك (١). فارتفاع مؤخرة الرحل نحو مما قاله مالك. وأما اعتباره غلظ الرمح فلأنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه (٢). وكان يفعل ذلك في السفر. وكره مالك السوط فإن فعل أجزأه. ومن صفة السترة أن تكون ظاهرة لا تشغل المصلي. وقال ابن القاسم لا يعجبني أن يصلي المصلي وأمامه مجنون مُطبق لا يعرف الوضوء ولا الغسل، ولا صبي ولا امرأة ولا كافر. وقد بلغني أن أبا سلمة بن عبد الأسود كره أن يصلي وأمامه رجل مأبون في دبره. وإن صلّى وهو أمامه لم أر عليه إعادة ناسيًا كان أو عامدًا وهو بمنزلة الذي يصلي وأمامه جدار مرحاض. وقال مالك لا يصلي إلى نائم وكأنه رأى أنه قد يحدث منه ما تنزه الصلاة عنه. وفي مسند ابن سنجر قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني نُهيت أن أصلي إلى النائم والمتحدثين (٣). وتجوز الصلاة إلى ظهر الرجل إذا رضي أن يثبت له حتى تنقضي صلاته ولا يصلي إلى وجهته ولا إلى جنبه لأن ذلك مما يشغله. واختلف في الصلاة إلى الحلقة فأُجيز لأن الذي يليه ظهر أحدهم وكره لأن وجه الآخر يقابله. ولو صلى أحد إلى سترة وراءها رجل جالس يستقبل المصلي بوجهه لاختلف فيه على طرد هذا التعليل الذي اعتللنا به فيمن صلّى إلى الحلقة. قال مالك له أن يصلي وراء المتحدثين. قال ابن حبيب إن لم يعلنوا حديثهم. *وخفف مالك أن يصلي إلى الطائفين. وكأنه رأى أنهم في معنى من هم في صلاة. ويجوز أن يصلي إلى البعير* (٤) لأن


(١) رواه أبو داود وابن ماجة. مختصر المنذري ج ١ ص ٣٤٠. روى عبد الرزاق بسنده أن من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا كان بينك وبين الطريق مثل مؤخرة الرجل فلا يضرك من مر عليك. ح ٢٢٧٦ج ٢ ص ١٠.
(٢) روى عبد الرزاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما كانت تحمل معه الحربة لأن يصلي إليها. ح ٢٢٨٧ ج ٢ ص ١٢.
(٣) أخرجه أبو داود بسنده إلى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث. وأخرجه ابن ماجة وفي سنده رجل مجهول وقال الخطابي هذا حديث لا يصح. مختصر المنذري ج ١ ص ٣٤١ نصب الراية ص ٩٦/ ٩٧.
(٤) ما بين النجمين ممحو -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>