للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشى إليه ونازعه لم تفسد صلاته. وقد قال عثمان بن عفان رضي الله عنه لرجل درأ رجلًا فكسّر أنفه: لو تركته كان أهون من هذا. وقال ابن شعبان إذا درأه فخرّ ميتًا فإن ديته على عاقلة الذي درأه، ولو لم يُذكر فيما حكيناه عن عثمان رضي الله عنه أنه جعل في كسر الأنف شيئًا. وأجرى ذلك بعض المتأخرين على الاختلاف فيمن جبذ إصبعه من فم من عضه فقلع أسنانه. فقد قال مالك يضمن. وقال غيره لا ضمان عليه.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: عندنا أنه لا يقطع الصلاة مرور شيء. وقال الحسن يقطع. وقال قوم المرأة تقطعها والحمار والكلب الأسود.

ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يقطع الصلاة شيء (١). واستدل المخالف بقوله - صلى الله عليه وسلم -: يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه قدر مؤخرة الرحْل، الحمار والكلب الأسود والمرأة. قال أبو ذر فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقلت ما بال الأسود من الأحمر من الأبيض؟ فقال: الكلب الأسود شيطان (٢). وأجيب عن هذا بأنه منسوخ بما قدمناه. وأنه يحمل على معنى اشتغال المصلي بهؤلاء بدليل حديث عائشة رضي الله عنها وقولها فأنسَلُّ من قبل رجلي السرير (٣). الحديث. وإخبارها فيه بانها تنسل بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يصلي، إشارة إلى أن مرور المرأة لا يقطع الصلاة. وقد ذكرت المرأة في الحديث الذي استدل به. المخالف. وقال الأبياني فيمن مر بين يدي رجل فظن أن ذلك يقطع صلاته فابتدأ بإحرام جديد إن ذلك لا يضره لأنه إنما زاد تكبيرة وقراءة. ومراده من فعل ذلك في أول ركعة. ولهذا قال إنما زاد تكبيرة وقراءة. وأما لو كان بعد ركعة فإن إحرامه لا يقطع ما تقدم ويصير كمن زاد في صلاته جهلًا.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: أما السترة فقال مالك هي مثل عظْم الذراع في جلة (٤) الرمح وإنما جعل الارتفاع بمقدار عظم الذراع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا


(١) رواه أبو داود والدارقطني مسندًا ورواه مالك والبخاري موقوفًا. نصب الراية ج ٢ ص ٧٦ - ٧٧.
(٢) رواه مسلم. نصب الراية ج ٢ ص ٧٨.
(٣) رواه البخاري. فتح الباري ج ٢ ص ١٢٨.
(٤) الحيلة بضم الجيم الغلظ = لسان العرب ج ١١ ص ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>