للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}. لأن صلاته عليه الصلاة والسلام كانت على تلك الهيئة في السفر. ومن حمل الآية على قصر العدد التفت إلى التعليق الأول .. (١). التعليق الثاني بحديث عمر وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدقة تصدق الله بها عليكم. الحديث المتقدم (٢). هذا جملة القول في سبب الاختلاف في حمل الآية على قصر الوصف أو قصر العدد. فإن قلنا محملها على قصر الوصف فبيانه يرد في بابه. وإن قلنا محملها على قصر العدد فقد اختلف الناس في العدد ما المراد بها؟ فقال بعضهم هو الاقتصار على ركعتين من أربع، وهو الذي يشير إليه ما قدمناه من حديث عمر وعائشة رضي الله عنهما. ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن صلاة الخوف ركعة فقالوا فرض الله على المقيم أربعًا وعلى المسافر ركعتين، وقالوا فقصر الصلاة في الخوف أن يصلي ركعة لأنهم مسافرون فصلاتهم ركعتان. وقصر الركعتين لا يكون إلا ركعة (٣) وهذه إشارة إلى حمل الآية على قصر العدد إلى ركعة مع اشتراط الضرب في الأرض والخوف، فخرج من مجموع ذلك أن هؤلاء يحملون الآية على قصر العدد فيستعملون التعليقين جميعًا. كما أن ابن الماجشون يحمل على قصر الوصف ويستعمل التعليقين جميعًا. فهذا أيضًا مما يتعلق بالكلام في اختلافهم في قصر العدد. وسنوسع في بابه إن شاء الله تعالى.

وأما الاختلاف في الآية هل هي مركبة من جملة واحدة أو جملتين؟

فذهب الأكثرون إلى أنها جملة واحدة وقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ} اشتراط يعود إلى ما قبله لا إلى ما بعده على ما مضى من اختلافهم في صفة عودته، وحقيقة القصر المراد.

وذهب بعضهم إلى أن الآية مركبة من جملتين إحداهما قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}. فهذا يقتضي قصر المسافر في العدد. وقوله {إِنْ خِفْتُمْ} ابتداء جملة أخرى لتعليم صلاة الخوف. ويقدر هؤلاء الآية على معنى إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا أي يحملون عليكم وأنتم


(١) هو في نسخة -و- بمقدار ثلاث كلمات وساقطة من قل.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في نسخة -و- إلا ربعة. وبياض في بقية النسخ والصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>