للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر يومًا أو ثمانية عشر يوماَ في أحد القولين في قول أكثر أصحابه (١). ومنهم من قال فيه قولًا آخر أنه يقصر أبدًا. وهذا حكم الشك ولمالك في المجموعة إذا خرج أهل الجشر إلى جشرهم فليتموا الصلاة كالرعاة يتبعون الكلأ لماشيتهم.

وهذا الذي قاله محمله على أن شأنهم يسيرون أميالًا يسيرة ثم ينزلون فلا يقيمون إقامة توجب إتمام الصلاة ثم يرحلون فإنهم يقصرون. وإن أقاموا إقامة توجب إتمام الصلاة فإنه يختلف في تلفيق السير بعضه إلى بعض على ما تقدم قوله ها هنا إلى جشرهم. فالخيل المجشورة التي يترك ركوبها وتخرج للرعي. وهذا حكم الشك في إقامة أربعة أيام في بلد أثناء سفره. وأما لو كان البلد الذي دخله هو نهاية سفره ومقصوده حين ابتدأ السفر لأتم الصلاة. لأن غاية سفره قد تم وانقضى. والرجوع إحداث سفر ثان فيكون الحكم للإتمام لانقضاء السفر. قال مالك في المبسوط إلا أن يعلم أن حاجته تنقضي في اليومين أو الثلاثة فإنه يقصر. فإن شك أتم. فكانه رآه مع المقام اليسير على حكم السفر. وإذا شك فظاهر انقضاء السفر يوجب الإتمام فلا يزول عن هذا الظاهر بالشك.

والقسم الرابع أن يتحقق إقامة توجب قضاء الصلاة ويشك في محلها. فقد قال مالك فيمن خرج إلى ضيعتين له بينه وبين الأولى منهما ثلاثون ميلًا وبين الأولى والثانية مثل ذلك ونوى إقامة عثرة أيام لا يدري كم يقيم بكل ضيعة أنه يقصر. وكأنه رأى أن السفر، لما كان جملته ستين ميلًا، ووقوع الفصل فيه مشكوك فيه، (٢) لم يرتفع حكم السفر بفاصل مشكوك فيه. ولو أن هذا نوى مقام القصر في الثانية دون الأولى فإنه لا يختلف في قصره، وإن نواه في الأولى دون الثانية، فإنه يختلف في قصره في السيرين جميعًا على ما كنا قدمنا من ذكر الاختلاف في تلفيق السير بعضه إلى بعض إذا تخلله فاصل الإقامة، ولو وقع في هذه الرواية في تأويل الشيخ أبي محمَّد عليها لفظ فيه إشكال. وحقيقة القول فيه ما قلناه.

قال القاضي أبو محمَّد رحمه الله: ولا يقصر حتى يفارق بلده ويُخلّفه وراء


(١) أصحابنا - قل.
(٢) أي وقوع الفصل في السفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>