للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا وإن كان فيه ردّ على مجاهد فقد يتعلق به من حد من أصحابنا بثلاثة أميال من بلاد الجمع للجمعة. وأما من قصر في منزله، فإنه يحتج بأن المسافر إذا نوى الإقامة لزمه الإتمام فكذلك المقيم إذا نوى السفر جاز له القصر. وهذا على أنه قياس لم يجمع فيه بين الفرع والأصل بعلة، (١) قد يفرق بينهما بأن نية الإقامة وجد معها الفعل الملائم لها وهو اللبث والاستقرار، ونية السفر وهو بالمدينة لم يوجد معها ما يلائمها، لأن الذي يلائمها ويطابقها السير الذي يجاوز البنيان، لأن البنيان حكمه حكم الاستيطان والقرار كما بيناه (٢).

وإذا ثبت ما قلناه فالموضع التي ينقطع بالانتهاء إليه حكم السفر، قد قال القاضي أبو محمَّد رحمه الله ها هنا أنه الموضع الذي بدا منه بالقصر فأحال النهاية على البداية. وقد ذكرنا مذهبنا في البداية. وهكذا روى مطرت وابن الماجشون أنه يقصر إلى الموضع الذي أمر بالقصر منه عند خروجه. وقد قال في المدونة إذا رجع من سفر، قصر الصلاة حتى يدخل بيوت القرية أو قربها ... وهكذا في الموطإ أنه يقصر حتى يدخل أول بيوت العصر أو يقارب ذلك. قال بعض المتأخرين قد جعل الإتمام ها هنا ثبت بما لم يثبت به التقصير في الخروج لأنه جعل القصر في الخروج بالخروج عن البيوت وأبطل حكمه في الرجوع بقرب البيوت قبل الدخول إليها. وإنما هذا لأن حكم الإتمام مغلّب.

ألا ترى أن المسافر إذا نوى الإقامة أتم وانتقل عن السفر بمجرد النية، وإذا نوى المقيم السفر (٣) لم ينتقل عن حكم الإقامة بالنية. وفي المجموعة يقصر حتى يدخل منزله.

قال القاضي أبو محمَّد رحمه الله: ولا يقصر العاصي بالسفر.

قال الفقيه الأمام رضي الله عنه: يتعلق بهذا الفصل سؤالان منها أن يقال:

١ - كم أقسام السفر؟.


(١) لعله -وقد-.
(٢) بينه -و-.
(٣) وإذا نوى الدخول إليها -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>