للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصر بثلاثة أميال. وأما إن خرج من قرى لا يجمع فيها فمبتدأه إذا جاوز بساتينها وبيوتها المتصلة بها عن يمينه وشماله، ولا اعتبار لمزارعها. وقالت الشافعية يقصر إذا فارق بنيان البلد. قال قتادة إذا جاوز الجسر أو الخندق.

وحُكي عن الحرث بن ربيعة أنه أراد سفرأ فصلّى بهم ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب عبد الله. وقال عطاء إذا خرج الرجل حاجًا فلم يخرج من بيوت القرية فحضرت الصلاة، فإن شاء قصر وإن شاء أوفى. وقال مجاهد إن (١) خرج نهارًا لم يقصر إلى الليل، وإن خرج ليلًا لم يقصر إلى النهار. فأما نحن والشافعية، ومن نحا نحونا فإنا نحتج بأن المعتبر مفارقة موضع الاستيطان. ولا يتحقق مفارقة الاستيطان إلا بما قلناه من مجاوزة البيوت. وكان مجاوزة البيوت علم (٢) عليه. وقد قال ابن حبيب وإذا جاوز بيوت قريته وانقطع منها انقطاعًا بتنا قصر، كانت مما يجمع أهلها أو لا يجمعون. فأشار إلى ما قلناه من الانقطاع من موضع الاستيطان. فأما الرواية التي راعى فيها ثلاثة أمي الذي بلد الجمع فإنما ذلك لأن هذا المقدار يلزم منه إتيان الجمعة وذلك يشعر بأن حكم ذلك حكم الوطن. وأما مجاهد فلست أعرف لقوله وجهاً إلا أن يكون قذر أن الليل وقت القرار والسكون. والنهار وقت الحركة والتصرف. فإذا خرج المسافر على حالة منها فلا يحصل مسافرًا إلا حتى يحصل على الحالة الأخرى فليلفها (٣) مخالفة لعادته في الحضر. والرد عليه قول أنس: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين (٤). فقد أتم (٥) وقصر في نهار واحد وقد قال ابن حبيب كان - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من المدينة إلى مكة قصر بالعقيق وإذا خرج من مكة إلى المدينة (٦) قصر بذي طِوى. والعقيق من المدينة وذو طِوى من مكة على نحو من ثلاثة أميال.


(١) من -و-.
(٢) وكان مجاوزة البيوت علمًا -و-.
(٣) هكذا في جمبع النسخ ولعل الأقرب فيلفيها.
(٤) متفق عليه وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم. بلوغ الأماني ج ٥ ص ١٠٣.
(٥) أتم: سا تطة -و-.
(٦) إلى المدينة: ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>