للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجاز أصحابنا كل الميتة عند الضرورة. فأما المانعون للترخص برخص السفر، فأنهم يعتمدون على أن المفهوم من الشرع كون القصر تخفيفًا عن المسافر، وإعانة له على سفره. وإذا كان هذا مفهومًا عن الشرع حتى صار ملتحقًا بالنصوص، فإن المسافر لطلب معصية عاص بسفره، وسفره محظور. والمعونة على المحظور محظورة. ألا ترى أن القتل ظلمًا لا يحل العون عليه. وكذلك إباق العبد لما كان محظورًا لم تحل المعونة عليه، والإذن فيها والأمر بها يناقض النهي والحظر. والشيء لا يصح أن يتناوله والأمر مقصود والنهي مقصودًا (١) وإن صح عند بعضهم تعلق الأمر به قصدًا. وإن تعلق به عموم نهي غير مختص به. كما قيل في الصلاة في الدار المغصوبة. ويعضد هؤلاء هذه الطريقة بأن السكران يلزمه قضاء ما فاته حال سكره من الصلوات. وإن كان زوال عقله على صورة زوال العقل بالإكماء. لكن لما كان عاصيًا بشرب غلظ عليه (٢) حتى ألحق بالصاحي. وإنّ خوف العدو عذر في إقامة صلاة الخوف. وقطاع الطريق الإِمام (٣) العدل لا يبيح لهم صلاة الخوف. قال أبو المعالي لو طرأت المعصية على السفر فقد نص الشافعي على أن مبتدأ السفر إذا لم يكن معصية لم تنحسم الرخص بطروّ العصيان. وفي المسألة قول آخر. فلا يستقيم عندنا أن (٤) القطع بالتسوية بين الطارئ والَمَقارن. ومن تافى هذا الاسلوب وفهم تناقض تحريم الشيء وإباحة الإعانة (٥) عليه استبان أن الطارئ (٦) في ذلك كالمقارن، فإن سئلنا عن الرامي نفسه من سطح حتى تنخلع رجله ويصلي قاعدًا فهل تلزمه إعادة الصلاة؟ قلنا المسألة وأمثالها مختلف فيها، والمختار عندنا أن القضاء لا يجب لأنه صلّى قاعدًا بعوإنقضاء المعصية. وهذا وإن اقتضى ظاهره وطرده نفي


(١) هكذا في قل - وفي -و- لا يصح أن يتاوله الأمر مقصودًا.
(٢) لما كان يشرب ما أسكره غلا عليه -و-.
(٣) فالإمام -و-.
(٤) هكذا في -و- وفي قل إلا. ولعل الصواب إذن.
(٥) الإعانة المقصود عليه - قل.
(٦) استباق الطارئ -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>