للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوجب كون ذلك هو (١) عرف العرب أو لسانهم. ويستدل أبو حنيفة أيضًا بأن الصحابة فتحوا البلدان والقرى ولم يشتغلوابنصب المنابر في القرى ولا أمروا بإقامة الجمعات فيها، ولو كانت واجبة لما أعرضوا عنها وهي من أظهر شعار (٢) الإِسلام. ولأن السلطان شرط في إقامتها. ومقام السلطان في الأمصار على غالب العادات ولأن أمر الجمعة مبني على العموم. ولهذا لا يحل لأحد من أهلها أن يتخلف عنها، ولا أن تقام الجماعات حتى (٣) تصلى الجمعة. وهذا يشعر بأنها من شعار (٢) الإِسلام العامة. فلهذا لا تقام بكل مكان كسائر الصلوات. وإذا كان هذا هكذا وجب أن تخص بمكان جامع للعامة ليتحقق معنى. الشعار للعموم بذلك الاختصاص. وهذا لا يحصل إلا في الأمصار الجامعة. والذي قدمناه من الجمع بجؤاثى يرد هذا الذي قاله. وأما ما أشرنا إليه من الاختلاف فيما كان فيه جماعة استقروا وفقد الشبه من ناحية الأبنية. فإن ما قدمناه من الإشارة يطلع منها على سبب الاختلاف. وأيضًا فإن قبائل العرب كانت حول المدينة ولم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بإقامة الجمعة. وهذا فيه أيضًا رد لمذهب أبي ثور ويرده أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف بعرفة، وكان يوم جمعة، ولم يجمّع. وتعلقه بأن عمر كتب إلى أبي هريرة رضي الله عنهما أن جمّعوا حيث كنتم.

محمله على المواضع التي تقام فيها الجمعة بدليل ما ذكرناه من الأدلة المتقدمة.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: قد قدمنا مخالفة أبي حنيفة في إقامة الجمعة في القرى وقصره إقامتها على الأمصار. وذكرنا سبب الخلاف بيننا وبينه في ذلك. ولما علم القاضي أبو محمَّد مخالفته في ذلك نبه بهاتين اللفظتين على خلافه لنا. وإن كان قوله وأنها تقام في كل قرار يمكن الثواء فيه يغني عن هذا التنبيه على أن البلد مساو للقرية. ولكنه ذكره تصريحًا وإن كان قدمه تلويحًا لينبه به على اختلاف الناس في هذه المسألة وهذا لحذقه بالتأليف واطلاعه على المقالات.


(١) يوجب كون البلد ذلك هذا هو عرف العرب -و-.
(٢) شرائع - قل.
(٣) حيث -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>