للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوجوب إنما يتصور بعد فهم الخطاب. فوجب عنه من شرائط الوجوب. كما لا خفاء أيضًا في أن أهل المدينة التي بها الجامع إذا خوطبوا بالجمعة وقيل لهم إنما يقع موقع الصحة إذا أوقعتموها في الجامع. وأن إيقاعها في الجامع من شروط الأداء، لأن الوجوب قد تحقق. وإنما أمر المكلف أن يوقع الفعل على صفة دون صفة، والصفة الموقع عليها الفعل مما يكتسبه، فيجب عليه تحصيله.

وكثير من شرائط الوجوب لا يجب تحصيلها. وقد تكلم أهل أصول الفقه على أحكام الشروط وما يجب أن يحصل منها، وما لا يجب بما ليس هذا موضع بسط قولهم فيه. وقد عذ القاضي أبو محمَّد ها هنا الإِسلام في شروط الأداء.

وهذا إنما يتجه إذا قال إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وهو مذهب حذاق الأئمة. وإن قال إنّهم غير مخاطبين بفروع الشريعة لم يحسن علّه للإسلام من شرائط الأداء. وقد أكثر المؤلفون في شرائط الجمعة. واختلفوا في عدد الشروط اختلافًا لا فائدة في نقله *لأن المطلع على التفصيل فروع هذا الباب يعلم يعلم حقائق شروطه* (١) وإنما نبهناك من كلامه في هذه الشروط على ما يمكن أن يخفى على من لم يطالع علم الأصول.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: قد ثبت أن صلاة الجمعة من شرطها الجماعة. والجماعة لا بدّ لها (٢) من جامع وهو الإِمام، فهل من شرط الموضع الذي تقام فيه الجمعة أن يكون فيه إمام سلطنة أم لا؟ عندنا وعند الشافعي أنه ليس بشرط. وعند الحسن وأبي حنيفة والأوزاعي هو شرط. وقد قدمنا قول يحيى بن عمر الذي اجتمع عليه قول (٣) مالك وأصحابه أن الجمعة لا تقام إلا بثلاثة: العصر والجماعة والإمام الذي تُخاف مخالفته. فقوله الذي تخاف مخالفته كالإشارة إلى مذهب أبي حنيفة لا سيما وقد قدمنا ما حكاه عن عمرو بن العاصي. وقال ابن مسلمة: من صلى بقوم صلاة في مسجد أو غيره أجزأتهم، إلا أن تكون الجمعة فإنه لا يصليها إلا بسلطان أو مأمور أو رجل


(١) ما بين الجمين = ساقط -و-.
(٢) منها -و-.
(٣) قول = ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>