للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجتمع عليه، حتى يختص بوصف لا ينبغي أن يصلي الجمعة إلا أحد هؤلاء.

وهذه إشارة منه إلى أنه وإن لم يشترط السلطنة فيشترط كون الرجل مجتمعًا (١) عليه حتى يختص بوصف، بخلاف غيره من الأيمة.

وإذا قلنا بمنع اشتراط إمام السلطنة فقد قال مالك إذا منع الناس الإمامُ من إقامتها وقدروا على إقامتها فعلوا. وفزق أشهب بين أن يمنعهم أو يكون ممن لا يمنع فصلوها بغير أمره. وفي قول أشهب إشكال أقي الطريقتين سلك؟ وأشار بعض أشياخي إلى أن المذهب لا يختلف في أن الأمير إذا حدث عليه وقد شرع في صلاة الجمعة ما نقض طهارته فذهب ولم يستخلف أن القوم يستخلفون، (٢) لأن هذه ضرورة. فدليلنا على إسقاط اشتراط إمامة السلطنة مقيمًا لها أو اَذنًا فيها: قول الله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٣). ولم يشترط إمام سلطنة.

وورود الشرع باشتراط أمور لم تتضمنها الآية، لا يجعل الآية مجملة لا يحتج بها بل يكون ذلك كالتخصيص. وأيضًا فإن عليًّا رضي الله عنه أقام صلاة العيد بالمدينة وعثمان محصور ولم ينكر عليه أحد. والاختلاف في اشتراط إمامة السلطنة في صلاة العيد كالاختلاف في اشتراطه في صلاة الجمعة. وقياسًا أيضًا على سائر الصلوات فإنه لا يشترط فيها السلطان ولا إذنه. وقد استدل أصحابنا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: سيليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها *فصلوا الصلاة في بيوتكم في وقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة (٤). والأظهر أن المراد بهذا صلاة الجمعة لأن ما سواها لا تحضره الأئمة في الغالب* (٥). وقد أجيبوا عن هذا بأنه أمر بإقامتها في البيوت. والجمعة لا تقام في البيوت ولم يُرد - صلى الله عليه وسلم - أنهم يؤخرونها حتى يخرج الوقت المختار ولا عذر لهم ني ذلك فيفسقوا فتكره الصلاة وراءهم فتصلّى الظهر في البيوت ثم تصلى الجمعة معهم. ولم يُرد - صلى الله عليه وسلم - أن الجمعة تكون


(١) مجمعًا -و-.
(٢) أن للقوم أن يستخلفوا - قل.
(٣) سورة الجمعة، الآية: ٩.
(٤) أخرجه أحمد وأبو داود: بلوغ الأماني ج ٢ ص ٢٨٨ ومختصر المندري ج ١ ص ٢٤٨ - ٢٤٩
(٥) ما بين النجمين ساقط -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>