للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تطوعًا عند الله تعالى بل تكون هي الواجبة. وقيل أيضًا في صلاة علي رضي الله عنه أنها يمكن أن تكون عن إذن عثمان رضي الله عنه بل هو الظاهر. ويحتمل أن يكون صار عثمان كالمعزول بزوال قدرته فأقام الصلاة علي بإذن الناس ورضاهم حتى صار بذلك كالإمام لهم. وقيل أيضًا: لا يصح القياس على سائر الصلوات، لأن سائر الصلوات لا يشترط فيها الإِمام فلا يمكن تعرّف صفة الإِمام المشترط من صلاة لا إمام فيها يشترط، بل يجب التعرّف من الطريق الذي اشترط الإِمام لأجله. فإن أصل الإِمام إنما اشترط لتحقيق الشهرة بالحماعة، فصح أن يشترط صفة السلطنة *لأن الجمع الكبير لا يصح إلا بسلطان. ولهذا لم يكتف باشتراط الحرية. لأن اشتراط صفة السلطنة* (١) اشتراط صفة تناسب المعنى المراد من الموصوف.

وأما أبو حنيفة فإنه يحتج على إقامة السلطان أو إذن السلطان بأن الصحابة فتحوا البلدان ولم يصنعوا (٢) المنابر إلا بمواضع فيها السلطان. وأيضًا فإن الجمعة من الأمور العامة، وما يتعلق بعموم الناس كان السلطان فيه شرطاً. وتكون الولاية إليه دون غيره، كالحد الذي يرجع صلاحه إلى عموم الناس وأخذ الزكاة التي هي حق (٣) لعامة الفقراء، وكذلك سائر أمور العامة. وهذا لأن العامة إذا اجتمعت وكثرت لم تصلح إلا بسائس يسوسها وليس إلا السلطان الذي له القهر بالسيف. والحجة لا تقهر العامة. وأيضاً فإنه قد استمر الأمر على إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم -. والخلفاء بعده والأئمة في سائر الأمصار على مرور الأعصار.

وأجيب عن هذا بأن هذا اتفاق، لأن الجمعة واجبة على الجميع. فحضور من ذكر فيها لوجوبها عليه لا لكونه شرطًا في إقامتها. ألا ترى أن الحج إقامته للأئمة، ولم يزل (٤) ذلك على اشتراطهم فيه. فأما الصفة الثانية بأن تشترط عدالة الإِمام فقد قدمنا في اشتراط العدالة في أئمة الصلوات على الجملة فيما تقدم من


(١) ما بين النجمين ساقط -و-.
(٢) يمنعوا في جميع النسخ. ولعله يضعوا.
(٣) حق = ساقطة -و-.
(٤) هكذا في جميع النسخ. ولعل الصواب ولم يدل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>