للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابنا هذا ما فيه كفاية. قال ابن حبيب: وتصلَّى الجمعة خلف الإِمام الجائر الفاسق بلغ فسقه وجوره ما بلغ. وكأنه رأى أن الإمامة وإن كان قد اشترط في صلاة الجمعة ما لم تشترط في غيرها فكانت في الجمعة آكد متى لم تصل وراء الإِمام الجائر أدى إلى الخروج عليه أو إثارة فتنة. فلهذا أباحه في الجمعة دون غيرها وإن كان القياس أن يكون اعتبار العدالة في الجمعة آكد لاشتراط الإِمام فيها *واشتراط صفات فيه* (١) لا تشترط في غير الجمعة من الصلوات. وقال القاضي أبو محمَّد القياس يقتضي ألا تصح إمامة الفاسق ولم يخص جمعة من غيرها.

ومن صفات الإِمام أن يكون ذكرًا لأن المرأة لا تؤم في غير الجمعة، ففي الجمعة أولى أن لا تؤم. وليس اجتزاؤها بصلاة الجمعة إذا صلتها مأمومة * بالمصحح لإمامتها فيها* (٢) لأنها ليست من أهل الإمامة. وأيضاً فإن هذه الصلاة ليست واجبة عليها.

ومن صفات الإِمام أن يكون حرًا فلا يؤم العبد في صلاة الجمعة. فإن أم بهم أعاد وأعادوا وإن خرج الوقت. وقال أشهب بصحة إمامة العبد فيها، واعتل بأنها تجزيه مأمومًا وتصير فرضه بشهودها. والشافعي يجيز إمامة العبد في الجمعة إذا كان زائدًا على أربعين. وأبو حنيفة أيضًا يجيز إمامته.

فيحتج من منع إمامته بأنه سقط عنه فرضها لنقصه فلا يمكن أن يؤم فيها، مع إشعار الشرع بنقصه، كما لا تؤم المرأة. وليس كون العبد يؤم فيما سواها من الصلوات والمرأة لا تؤم أصلًا بما يمنع قياسه عليها لاشتراكهما في النقص على الجملة الذي هو سبب سقوط فرض، الجمعة. وأما من يجيز إمامته فيحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي أجدع ما أقام فيكم الصلاة (٣). وقد ذكرنا حجة (٤) أشهب وإشارته أنها ساقطة لحق السيد، فإذا


(١) هو -و-.
(٢) هو -و-.
(٣) رواه البخاري وأحمد وابن ماجة عن أنس بن مالك ورواه مسلم من حديث أم الحصين. فتح القدير ج ١ص ٥١٣
(٤) قول -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>