للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعتبار (١) الوقت في جميع هذه الصلاة. وإن قلنا إن الجماعة شرط في الانعقاد صح ما قال أبو يوسف وصاحبه. وإن قلنا أنها تنعقد بتكبيرة الإحرام وتدرك الجمعة بها. وصح ما قاله أشهب وأبو حنيفة إن قلنا أنها لا تنعقد إلا بإدراك ركعة. وسنتكلم على ما تدرك به الجمعة لكنّ أبا حنيفة رأى أن الركوع مع السجدة هو معظم الركعة. وإذا حصل معظم الشيء فكان جميعه حصل. وأصلنا نحن المشهور عندنا أن الإدراك إنما يكون بتحصيل الركوع والسجدتين جميعًا، وإن كان أشهب قد حمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: من أدرك ركعة (٢) على أن المراد به الركوع دون السجود على ما كنا حكيناه عنه في الكلام في الأوقات. والذي حكاه عنه ابن سحنون ها هنا أنه قال: قال أشهب إذا تفرقوا عنه بعد ما صلّى بهم ركعة من الجمعة وبقي وحده فإنه يصلي ثانية وتكون (٣) له جمعة. لقوله- صلى الله عليه وسلم -: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها (٤). ويمكن عندي أن يكون أشهب يجعل الإِمام مدركًا للجمعة بالركوع خاصة لما قدمناه من مذهبه في تأويل الحديث الذي وقع في مثل هذا. وقد رأيت بعض من صنف مسائل الخلاف ذكر أن مالكًا يقول إذا انفضوا بعد ما صلّى ركعة بسجدتين أنها جمعة. وأورد هذا عن مالك بعد إيراده مذهب أبي حنيفة الذي حكيناه. ولم أقف لمالك على هذا. ولعل هذا الحاكي وقف على مذهب أشهب فظن أنه مذهب مالك لكون أشهب من أصحابه. وعلم أن المشهور من أصلنا أن الادراك إنما يكون بالركعة والسجدتين فأضاف هذا المذهب إلى مالك. أو يكون وقف عليه حيث لم نطلع عليه نحن. وإنما طرقنا إلى حكايته هذا الوهم لما لم يكن من أصحابنا. وقد يُحتج لأبي حنيفة وأشهب بقوله - صلى الله عليه وسلم -: من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى (٥). وينفصل الآخرون عن هذا بأن يحملوا الحديث على المسبوق، ولكنهم إن حملوه على المسبوق لزمهم أن يفرقوا بينه وبين الإِمام إذا هرب الناس عنه. وقد أكثر الناس من الكلام


(١) اعتبار القول في الوقت - قل.
(٢) من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. رواه الأربعة. فيض القدير ج ٦ ص ٤٤.
(٣) وتصح - قل.
(٤) مسلم. إكمال الإكمال ج ٢ ص٢٩٢
(٥) حديث حسن الإسناد. رواه ابن ماجة والحاكم. فيض القدير ج ٦ ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>