للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسافر إمامًا صلح مأمومًا ها هنا، بل صلاحه مأمومًا أولى. فإذا تأدت الصلاة مع كون العبد متبوعًا ففي حال كونه تابعًا أولى. وهكذا قال أبو حنيفة لو اجتمع أربعون مسافرون أو عبيد وعقدوا جمعة فإنها تنعقد بهم. وقال الشافعي لا تنعقد بهم. وقد أشار بعض المتأخرين إلى احتمال في قول أشهب ورأى أنه يمكن أن يكون إنما تكلم على هروبهم عنه بعد أن أحرم وثبت حكم الجمعة بالإحرام.

وغيره من الأشياخ حمل الرواية على ظاهرها (١) ورأى أنها تنعقد بهم عنده على كل حال.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: اختلف الناس في الجماعة هل هي شرط في انعقاد الجمعة أو في أدائها؟ فقال ابن القاسم وسحنون: إذا هرب الناس عن الإِمام في صلاة الجمعة لم تصح جمعته (٢). قال سحنون ولو تفرقوا عنه في التشهد. ورأى سحنون أن يجعلها نافلة. وهذه طريقة من رأى أن الجماعة شرط في جميع هذه الصلاة. وهذا مذهب زفر. وقال أشهب وأبو حنيفة إن هربوا عنه بعد أن عقد ركعة أتم صلاته جمعة. لكن أبا حنيفة رأى أن الجمعة تنعقد ها هنا بحصول ركعة وسجدة. وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد إذا هربوا عنه بعد الإحرام أتمها جمعة. وسبب هذا الاختلاف ما أشرنا إليه أولًا من اعتبار الجماعة في الانعقاد أو في الأداء. فإن قلنا أن الجماعة شرط في الأداء لم تصح الجمعة للإمام إلا أن تكملها الجماعة معه، لأن كل جزء من الصلاة يفتقر في تأديته إلى ما يفتقر إليه الآخر. ألا ترى أن الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة لما افتقر إليها في تادية الصلاة استوت جميع أجزاء الصلاة في افتقارها إلى ذلك. وكذلك اعتبار الجامع في هذه الصلاة لما كان شرطًا في صحة التأدية افتقر إليه في جميع أجزاء- هذه الصلاة. وقد كنا تكلمنا على رجوع الراعف إلى الجامع يوم الجمعة، وذكرنا ما قيل فيه. وسنتكلم على


= سبعة عشر. وله أيضًا ثماني عشرة ليلة. وروى ابن اسحق عن الزهري أنه أقام خمسة عشر يومًا. الفتح ج ٣ ص ٢١٩. وج ٩ ص ٥٣ وسيراة ابن هشام ج ٤ ص ٦٤. والسير الحلبية ج ٣ ص ١٢٠/ ١٢١.
(١) إطلاقها -و-.
(٢) له جمعة - قل.

<<  <  ج: ص:  >  >>